عندما تمطر غبارًا: تقرير عن تغير المناخ والنزاع المسلح

قانون الحرب

عندما تمطر غبارًا: تقرير عن تغير المناخ والنزاع المسلح

ICRC

يستطلع تقرير للجنة الدولية للصليب الأحمر بعنوان «عندما تمطر غبارًا»، مدى تضرر البلدان التي تعاني ويلات النزاع المسلح من تغير المناخ وتقلبه أكثر من غيرها.

ويشير تغير المناخ إلى أي تغير في المناخ يستمر لفترة زمنية طويلة، يمكن أن تصل إلى عقود أو لمدد أطول. في حين يشير مصطلح تقلبية المناخ إلى التقلبات في الظروف المناخية في إطار زمني أقل، مثل شهر أو فصل أو سنة. ويمكن أن تكون التقلبات، مثل تواتر هطول الأمطار أو شدتها، والأعاصير المدارية، ودرجات الحرارة، وما إلى ذلك، جزءًا من التقلب الطبيعي للمناخ. لكن التقلبات المناخية المستمرة قد تشير إلى تغير محتمل في المناخ.وهناك12 بلدًا من البلدان العشرين الأكثر تعرضًا لتغير المناخ، غارقة في أتون النزاعات.

ويبحث مؤشر التكيف العالمي لجامعة نوتردام في مدى تأثر البلدان بتغير المناخ والتحديات العالمية الأخرى، مقابل قدرتها على تحسين صمودها أمامهم. تحتل اليمن ومالي وأفغانستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال، وجميعها تشهد نزاعات، ترتيبات من بين الأدنى.

وهذا لا يعني أن ثمة علاقة ترابط مباشرة بين تغير المناخ والنزاع، وإنما يشير مؤشر التكيف العالمي إلى أن البلدان التي تعاني من النزاع هي أقل قدرة على مواجهة تغير المناخ، وتحديدًا لأن النزاع يضعف قدرتها على التكيف معه.

وبالتالي، فإن الناس الذين يعيشون في مناطق النزاع هم من بين الفئات الأكثر ضعفًا إزاء أزمة تغير المناخ والأكثر تجاهلًا من العمل المناخي. ويتفق العلماء بشكل عام على أن تغير المناخ لا يتسبب في نشوب نزاعٍ مسلح بشكلٍ مباشر، ولكنه قد يزيد بشكل غير مباشر من خطر اندلاع النزاع من خلال مفاقمة العوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية القائمة.

على سبيل المثال، عندما يُدفع رعاة الماشية والمزارعون لتقاسم الموارد المتناقصة بسبب تغير المناخ، يمكن أن يثير ذلك توترات في الأماكن التي تفتقر إلى الحوكمة القوية والمؤسسات الشاملة.

ويقول التقرير إن انعدام الأمن يحد من قدرة الناس على مواجهة الصدمات المناخية. فمثلا عانت منطقة غرب أفريقيا من الجفاف لفترة طويلة في السبعينيات، ما أدى إلى مجاعة. في أوائل عام 2019، أصبحت المراعي شحيحة في جنوب غاو، بسبب الفيضانات. انتاب الرعاة القلق من السفر مع ماشيتهم خوفًا من تعرضهم لهجوم من جماعات مسلحة أو قطاع طرق.

وبدلًا من ذلك، كانوا يتجمعون في أغلب الأحيان في مناطق قريبة من مصادر المياه، ما أثار توترات مع المزارعين والصيادين. ونظرًا لأن ماشيتهم صارت هزيلة، اضطر الرعاة إلى بيعها بِثَمَنٍ بَخْسٍ. كما حال انعدام الأمن دون وصولهم إلى أسواق الماشية في أماكن أبعد، إذ كانوا يأملون في الحصول على أسعار أفضل.

غاب المسؤولون الحكوميون – والدعم المحتمل من الدولة – بسبب العنف. كما قيدت أعمال العنف بشكل كبير وصول المساعدات الإنسانية. باختصار، شاهد الرعاة الفقراء أصولهم الوحيدة في حالة من الوهن وتُركوا يكافحون من أجل إطعام عائلاتهم. الناس الذين يعيشون في مناطق النزاع هم من بين الفئات الأكثر قابلية للتأثر بالأزمة المناخية، لكنهم أيضًا من بين أكثر الفئات التي يهملها العمل المناخي.

البيئة ضحية للنزاع

تتعرض البيئة الطبيعية في كثير من الأحيان للهجوم أو يلحق بها أضرار مباشرة من جراء الحرب. ويمكن أن تؤدي الهجمات إلى تلوث المياه والتربة والأراضي، أو إطلاق الملوثات في الهواء.

ويمكن أن تلوث المتفجرات من مخلفات الحرب التربة، ومصادر المياه، وتضر بالحياة البرية. يحد هذا التدهور البيئي من قدرة الناس على الصمود والتكيف مع تغير المناخ. والتدهور البيئي هو عملية تتعرض فيها البيئة الطبيعية للخطر.

ويمكن أن تكون هذه عملية طبيعية تمامًا، أو يمكن أن يكون تسارعها أو سبب حدوثها ناجمًا عن الأنشطة البشرية. يمكن أن تؤدي الآثار غير المباشرة للنزاع إلى مزيد من التدهور البيئي، على سبيل المثال: تكون السلطات أقل قدرة على إدارة البيئة وحمايتها؛ كما يضع النزوح واسع النطاق ضغطًا على الموارد؛ وقد يُلجأ إلى استغلال الموارد الطبيعية للحفاظ على اقتصادات الحرب.

ففي مدينة الفاو، جنوب البصرة بالعراق، يلقي الناس باللائمة فيما يتعلق بمشاكل المياه والزراعة على قطع أشجار النخيل لأغراض عسكرية إبَّان الحرب العراقية الإيرانية. كما يمكن أن يساهم النزاع أيضًا في تغير المناخ. على سبيل المثال، يمكن أن يكون لتدمير مساحات كبيرة من الغابات، أو الإضرار بالبنية التحتية مثل المنشآت النفطية أو المنشآت الصناعية الكبيرة، عواقب مناخية وخيمة، بما في ذلك إطلاق كميات كبيرة من الغازات الدفيئة في الهواء.

تحدي للعمل الإنساني

تغير أزمة المناخ طبيعة الأزمات الإنسانية وشدتها. وتكافح المنظمات الإنسانية بالفعل من أجل الاستجابة، ولن تكون قادرة على تلبية الاحتياجات الناتجة عن آثار تغير المناخ. ويلزم بذل جهود كبيرة – في شكل تغييرات نظامية وهيكلية كبيرة، ووجود إرادة سياسية وحكم رشيد وحدوث تحول حقيقي في العقليات – للحد من آثار تغير المناخ. كما يجب تضافر المنظمات الإنسانية لتعزيز العمل المناخي. وبينما يُعد الناس في مناطق النزاع من بين الفئات الأشد ضعفًا إزاء تغير المناخ، إلا أن هناك فجوة في التمويل المتعلق بالعمل المناخي بين البلدان المستقرة والهشة.

واقرأ كذلك:

افتتاحية العدد 65: مناخ يتغير فيفاقم أوضاعًا إنسانية

حقائق أساسية عن التغير المناخي

محمد المخزنجي- هجرات أليمة إلى الداخلي

داليا العقاد- سيناريوهات قاتمة بغرق الدلتا والفقر المائي…مصر تسابق الزمن لكبح مخاطر التغيرات المناخية

أسامة المخللاتي- الفلاحون الفلسطينيون ضحايا لتغيرات مناخية وبيئية

أحمد زكي عثمان- تغيُّر المناخ يفاقم من معاناة المدنيين في أوقات الحروب

يورغ مونتاني- تغير المناخ والنزاع والقدرة على الصمود… حوار حول السياسات

موسى عبد الحفيظ القنيدي- حماية البيئة في أوقات النزاعات المسلحة

اطلع غيرك على هذا المقال

تعليقات

لا توجد تعليقات الآن.

اكتب تعليقا