عدد جديد من الإنساني: عقدان على صدور المجلة، وملف عن التغطية الصحافية للحروب، ومحمد المخزنجي يكتب عن «متاحف متنقلة للآلام»

العدد 64

عدد جديد من الإنساني: عقدان على صدور المجلة، وملف عن التغطية الصحافية للحروب، ومحمد المخزنجي يكتب عن «متاحف متنقلة للآلام»

في مثل هذا التوقيت منذ عشرين عامًا، صدر العدد الأول من مجلة «الإنساني» بهدف التوجه إلى «صناع القرار والمثقفين ودوائر الإعلام والمهتمين والضحايا، لفتح الحوار حول ضرورة إعمال القانون، وضرورة مساندة العمل الإنساني».

وخلال عقدين من الزمان، ظلت «الإنساني» مخلصة لرسالتها: الحوار حول أن للحرب قواعد وقيودًا ينبغي على كل الأطراف المشاركة في القتال احترامها، كما أنها من خلال تغطيات من الميدان، شارك فيها صحافيون وكتاب ونشطاء وعاملون في المجال الإنساني، تطورت الرسالة، وصارت المجلة شاهد عيان على الأزمات الإنسانية التي ضربت العالم العربي والعالم منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي، وصولًا إلى صور العنف التي وصلت إلى ذروتها في النزاعات المسلحة للسنوات الأخيرة والتي هوت بالمنطقة إلى مستويات غير مسبوقة من المعاناة الإنسانية في سورية واليمن والعراق وليبيا والصومال.

في هذا العدد، الذي يحمل رقم 64، نحاول تضفير ملفين معًا، ملف نعود فيه بالذاكرة إلى الوراء لنتعرف من خلاله إلى أهم المحطات في تاريخ هذه المجلة التي كانت رافدًا مهمًّا للتركيز الصحافي على المدنيين في زمن الحرب. والملف الثاني، نلقي فيه الضوء على التحديات التي تواجه الصحافيين في تغطيات الحروب، أو بمعنى آخر حروبهم الخاصة من أجل نقل ما يجري في ميدان المعركة بنزاهة وحياد.

(انقر هنا لمطالعة العدد)

في الملف الأول «الإنساني في عشرين عامًا»، ترصد زينب غصن، رئيسة تحرير المجلة، منجز «الإنساني» الذي تحقق، متحدثة عن الفئات التي تستهدفها المجلة (ومنها المحتجزون في السجون)، كما تناقش معنى أن تظل المجلة المطبوعة تصدر إلى الآن، في ظل التحول الكبير في العالم الرقمي من حولنا.

ومع أننا نشعر بالأسف لأننا لم نحظَ بمساهمة في هذا الملف من الكاتب محمد سيف، الذي تولى، مع آخرين، مهمة إعداد النسخ التجريبية لـ«الإنساني» ثم الإشراف على تحريرها لاحقًا، لكن الحظ حالفنا بمساهمة الكاتبة عنايات فريد، وهي أحد أفراد الكتيبة الأولى للمجلة. كتبت عنايات مستعرضة المحطات الأساسية في «الإنساني» والظروف التي أدت إلى تأسيسها. كما يقدم لنا فنان الجرافيكي المصري والمشرف الفني على المجلة أحمد اللبَّاد لمحة سريعة عن المخرج الفني الأول لـ«الإنساني» الفنان وصانع الكتب الراحل محيي الدين اللبَّاد. يخبرنا أحمد اللبَّاد كيف انخرط اللبَّاد في تصميم «الإنساني» لأنها كانت تتواءم مع انحيازاته الأخلاقية ومع تكوينه الشخصي والسياسي.

ومن دواعي سرورنا في هذا العدد أن يساهم الأديب المصري البارز محمد المخزنجي بنص، عنوانه: «متاحف متنقلة للآلام»، أودع فيه لغته الآسرة وهو يراجع «ما كتبه عن بؤر الألم الإنساني في ثنايا جمال الطبيعة البكر وسخاء عطاياها».

جدير بالذكر أن المخزنجي كان أحد كتاب مجلة الإنساني منذ انطلاقها قبل عقدين، وقد نشر في المجلة عددًا من نصوص أدب الرحلة التي كتبها في عواصم ومدن أنَّت تحت وطأة النزاعات المسلحة.

الملف: حروب الصحافيين الخاصة

أحد الدوافع التي جعلتنا نختار التركيز على الصحافيين وتغطية الحروب هو خبرة السنوات الماضية التي أفرزت لنا، كما تقول افتتاحية العدد، «طائفة من مراسلي الحرب العرب، قدموا تغطيات على مستوى رفيع من العمق والإحاطة: تجدهم يتحدثون بعربية صريحة وفصيحة، عربية واضحة ودقيقة، ولا تخلو أبدًا من بلاغة حية في وصف واقع لا نذكر له شبيهًا في تاريخنا الحاضر… بعض هؤلاء الصحافيين تمسك بحياد راسخ، وحافظ على مسافة متوازنة من جميع أطراف القتال (على ما قد يبديه البعض من تحفظ على «حياد الصحافي»)، وبعضهم مال برأي لهذا الطرف أو ذاك. لكن النتيجة حاضرة وظاهرة: سمعنا أصواتًا عربية، تروي مأساة الحروب. تابعنا صحافيات وصحافيين ناضلوا من أجل تقديم تغطية شاملة وعادلة ومتوازنة لمختلف السياقات التي مزقتها الحروب في المنطقة».

لنا شاهين بعدسة عطية درويش

لدينا في هذا الملف عدة مساهمات، يمكن تناولها كالتالي: صعوبات وتحديات مهنية لنقل وقائع النزاعات المسلحة وأعمال العنف الأخرى، فيها خاطر صحافيون بحيواتهم من أجل الخبر، خاضوا حربًا خاصة، من أجل إعلاء الحقيقة كما يرونها. في بداية الملف نبدأ بشهادة قوية كتبتها الصحافية الفلسطينية لنا شاهين، وهي صحافية حازت شهرة كبيرة في تغطية العمليات العسكرية الإسرائيلية، على قطاع غزة. تخبرنا لنا في هذا المقال القوي «في مكان على صفيح ساخن كقطاع غزة، لا يمكن للصحافي أن يفصل بين عمله وإنسانيته».

ربما سمع البعض منكم عن الصحافية المصرية سارة نور الدين. قبل نحو عام ونصف كادت سارة أن تفقد حياتها وهي تغطي القتال العنيف في الموصل العراقية. تكتب سارة عن «مهمة وسط النيران». تكتب سارة: «كنت أسير وحيدة مع الكاميرا، بانتظار اقتناص لحظة اشتباك أو انتصار لتوثيقها، ولم يكن هناك أعلى من صوت المعركة الدائرة في ذلك الصباح، بينما كان الموصليون يتولون إلى الظل في يوم مشمس جدًّا، كنت أتركهم خلفي متجهة بعربة مصفحة نحو مدينتهم القديمة، حيث دارت رحى الحرب في آخر معاقل جماعة «الدولة الإسلامية» فيها».

سارة نور الدين

مازن أمان الله، صحافي تليفزيوني له باع في تغطية عدة نزاعات عسكرية في المنطقة وخارجها. في شهادته يتحدث مازن عن نوع آخر من التحديات أمام مراسلي الحروب والنزاعات ومناطق العنف. خبرة مازن جعلته يقول بوضوح ومن دون مواربة: «هناك أسباب عدة تجعل الصحافي يغمض عينًا أحيانًا عما يراه خلال التغطيات الميدانية، مثل إيمانه الشخصي بعدالة قضية ما، أو تخوفه من أن يفقد ترخيصه الصحافي، أو أن يفقد عمله».

في ملفنا نقدم شهادة من نوع آخر؛ نسلط الضوء على شكل تغطية الإعلام للفئات المتضررة من النزاعات المسلحة كالمهاجرين (يشملون اللاجئين وطالبي اللجوء). آيات الحبال، صحافية تخصصت في تغطية قضايا اللاجئين. النتيجة التي تخبرنا بها آيات أن الإعلام العربي لم ينجح «في اختبار تقديم تغطية مهنية لأوضاع اللاجئين… [تحول] اللاجئون إلى طرف صامت، لا يُسأل عن رأيه في قضايا تمس حياته اليومية، ليبقى الأمر متروكًا في التصريح وإثبات وجهة النظر إما للحكومات أو المنظمات الدولية».

ومحاولة منا لتسليط بعض الضوء على قضايا الهجرة وتحدياتها، أفردنا قصة مصورة باعثة على الأمل، أطلقنا عليها «الوطن في اللمَّة»، وفيها التقط المصور الصحافي المصري روجيه أنيس بعدسته كيف يحاول اللاجئون استحضار وطنهم في الغربة برقصة تراثية أو بأكلة شعبية أو بملابس تقليدية.

مظهر مختلف لتغطية الحروب قدمته لنا الزميلة أندى الخطيب. تعمل أندى موظفة بقسم الإعلام الرقمي بمقر اللجنة الدولية في جنيف. وقد عملت طيلة ثلاث سنوات مسؤولة في قسم الإعلام في بعثة اللجنة الدولية في دمشق. خلال زيارتها المختلفة للميدان، قالت في شهادتها: «لست في موقع تشكيك بالأخبار الواردة، أو بعدم موضوعية هذه الجهة أو ذلك الصحافي، ولكني وبكل ثقة أستطيع القول إن الإعلام «الصديق» أو «العدو»، «المغرض» أو «الشفاف» لم يستطع أن يتحدث بصوت الناس، كل الناس».

محمد ضراغمة

راسل أحمد زكي عثمان، مدير تحرير المجلة، الصحافي الفلسطيني المخضرم محمد دراغمة، وطرح عليه بعض الأسئلة «البديهية صحفيًّا ربما»، لكنها معقدة في واقعنا العربي. والتعقيد نابع من أن أي سؤال يتيم عن المهنية والحياد والموضوع لن يقابل بإجابة، وإنما بسلسلة من الأسئلة العسيرة. خذ مثلًا هذا الرد على سؤال الحياد الصحافي: «كيف يمكنك أن تصبح حياديًّا وأنت وعائلتك وأبناء شعبك في مرمى النيران؟ كيف تكون متوازنًا وأنت ترى دماء الأطفال والشباب والنساء؟ هذه أسئلة حادة لكنها حقيقية تواجهنا كل يوم في عملنا الصحافي، في اختيار الموضوع وفي جمع المعلومات وفي كتابتها وتقديمها للقراء أو للمشاهدين».

نهى عاطف، أكاديمية مصرية متخصصة في قضايا الإعلام الجديد. في هذا الملف تلفت نهى نظرنا إلى أنه ومع ارتفاع عدد مستخدمي شبكة الإنترنت العرب، أخذت الكتابة الشخصية على المدونات في الذيوع، وباتت المدونات ساحة لعرض الحياة بجوانبها الإنسانية وكتابة اليوميات في مناطق الصراع والحرب. لكن التطور التقاني المتلاحق سحب بساط الانتشار والتأثير من تحت أقدام المدونات، ووضعه حذو الشبكات الاجتماعية، لتصبح هذه الشبكات هي الناقل الأكثر استخدامًا لأصوات المعايشين لتجربة الحرب والنزاع.

ختمنا ملفنا في هذا العدد بتحليل من زميلنا محمد علام يتحدث فيه عن الأبعاد السلبية للإعلام الرقمي، إذ إنه أصبح يُستخدم الآن كامتداد للمعارك التي تدور رحاها حولنا، وصار أداة لنشر خطابات الكراهية والعنف.

من الميدان

تكتب زميلتنا سلمى عودة تقريرًا عن الواقع البائس في اليمن، تتحدث عن المعاناة الرهيبة للأهالي التي يقول البعض إنها قد تتحول إلى أسوأ مجاعة عرفها العالم منذ مئة عام.

رؤى

كتبت هيلين دورهام، وهي خبيرة قانونية بارزة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، مقالًا مهمًّا عن دلالة فوز الناشطين ضد العنف الجنسي في الحروب؛ نادية مراد ودينيس موكويغي، بجائزة نوبل للسلام في العام 2018. تقول هيلين إن هذا إنجاز كبير في هذه الأوقات العصيبة التي تتواصل فيها فصول معاناة المدنيين المريرة – وبخاصة النساء – في النزاعات المسلحة الدائرة.

في سياق آخر، يكتب الباحث الجزائري في القانون الدولي العشعاش إسحاق مقالًا يستعرض فيه أبعاد النقاش المحتدم حاليًّا حول الضوابط الواجب توفرها في الأسلحة ذاتية التشغيل، وهي منظومات أسلحة متطورة ربما تكون هي وحدها من تتخذ القرارات العسكرية الحاسمة في ساحة القتال. يحلل المقال الأبعاد القانونية لواحد من أهم أنواع هذه الأسلحة وهو الروبوتات القاتلة.

**

المحتويات
سلمى عودة، شريط الأخبار لا يكفي: 20 مليون قصة يمنية بين الأمل والمعاناة 

زينب غصن، مجلة الإنساني: ثقافة قانون الحرب بنكهة عربية 

عنايات فريد، محطات في مسيرة مجلة

أحمد اللبَّاد، محيي الدين اللبَّاد: «الإنساني» كورشة دورية لتصميم النور

الملف: الإعلام.. حروب الصحافيين الخاصة

لنا شاهين، العمل الصحافي في غزة .. بطاقة سفر في اتجاه واحد

سارة نور الدين، مهمة وسط النيران

مازن أمان الله، الإعلام العربي وتحديات مهنية في تغطية النزاعات

أندى الخطيب، في حمص.. امتلكتُ الحقيقة

آيات الحبال، تغطية موسمية: اللاجئون طرف صامت في الإعلام العربي

روجيه أنيس، الوطن في اللمَّة (مقال مصور) 

نهى عاطف، صباح الخير.. هنا الحرب!

الصحافي الفلسطيني محمد دراغمة: وظيفتنا التنوير وليس الثورة (حاوره: أحمد زكي عثمان)

محمد علام، إعلام أسود: الامتداد الرقمي لساحات العنف وخطاب الكراهية 

هيلين دورهام، نوبل للسلام 2018: العنف الجنسي في الحروب تحت دائرة الضوء 

الرجال يصنعون الحروب والنساء يعانين من ويلاتها

العشعاش إسحاق، الروبوتات القاتلة.. الآلة عندما تشن الحرب 

عسكريون كبار يناقشون تحديات الامتثال لقواعد الحرب

إليونا سينينكو، زيارة عائلية 

يوم في حياة اللجنة الدولية للصليب الأحمر

عرض كتاب: تاريخ اللجنة الدولية للصليب الأحمر في خمسة مجلدات

محمد المخزنجي، بلا رتوش: متاحف متنقلة للآلام 

في وداعهما الحزين: دعونا نخبركم قليلًا عن بطلتينا حواء وسيفورا

اطلع غيرك على هذا المقال

تعليقات

لا توجد تعليقات الآن.

اكتب تعليقا