عشر سنوات من دراسات القانون الدولي الإنساني حول النزاع السوري

قانون الحرب

عشر سنوات من دراسات القانون الدولي الإنساني حول النزاع السوري

نظرة إلى الدمار الذي طال سورية (24 كانون الثاني 2018). تصوير: على يوسف/ اللجنة الدولية.

في العام الماضي، ومع حلول الذكرى العاشرة لبداية النزاع السوري، نشرت «مكتبة اللجنة الدولية للصليب الأحمر» عددًا خاصًا عن ببليوغرافيا القانون الدولي الإنساني يغطي عشر سنوات من دراسات القانون الدولي الإنساني حول الأزمة في السياق السوري.

ولا غرابة في أن يظهر موضوع المساءلة عن الانتهاكات ضد القانون الدولي الإنساني بكثافة في هذه المنشورات. إن تنوع المواضيع التي تغطيها الدراسات، التي تتناول المقاتلين الأجانب والأسلحة الكيميائية والتراث الثقافي وغيرها، يعطينا صورة تحليلية موضوعية إلى حد ما للمأساة السورية.

ولإلقاء نظرة عامة على آثار النزاع على الشعب السوري ندعوكم إلى قراءة التغطيات التي أجرتها مجلة «الإنساني» حول النزاع في سورية، كما يمكنكم قراءة تقرير اللجنة الدولية الصادر مؤخرًا بعنوان “عقد من الفقدان: شباب سورية بعد 10 سنوات من الأزمة“، بالإضافة إلى تقرير سابق بعنوان “رأيت مدينتي تحتضر: أصوات من خطوط المواجهة في نزاعات داخل المدن في العراق وسورية واليمن“.

وتوثق بوابة الأرشيف السمعي والمرئي لدينا أيضًا عمل اللجنة الدولية في سورية والدمار الذي نجم عن النزاع فيها. في هذه السطور، تعريف ببعض الكتابات الأكاديمية التي تضمنتها  هذه الببلوغرافيا بخصوص سورية:

كلير برين، الربيع العربي: اختبار تطبيق القانون الدولي الإنساني، كتاب نيوزلندا السنوي للقانون الدولي

تبدأ هذه الورقة الموجزة بأساسيات القانون الدولي الإنساني: سبب نشأته ومتى ينطبق. ثم تنظر بعد ذلك في العنف الدائر في ليبيا وسورية على التوالي. وتشير الورقة إلى أن العنف في ليبيا تجاوز بسرعة الحدَّ الفاصل الذي تنطبق بعده القواعد الإنسانية الحاكمة للنزاع المسلح غير الدولي، وتطور بسرعةٍ مماثلة تقريبًا ليصبح نزاعًا مسلحًا دوليًا مع بدء التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي (الناتو) بتفويض من الأمم المتحدة.

وعلى النقيض، جاء تصنيف العنف في سورية بوصفه نزاعًا مسلحًا غير دولي بطيئًا، ويشير المستوى المرتفع المستمر للضحايا المدنيين إلى أن قواعد القانون الدولي الإنساني ذات الصلة بارزةٌ وجديرةٌ بالذكر لأنها تُنتهك أكثر من كونها تُحترم. وتختتم هذه الورقة ببعض التعليقات على الفائدة المتبقية لقواعد القانون الدولي الإنساني كوسيلة لمحاسبة المنتهكين المزعومين (الدول والأفراد).

للرأي القائل بأن “الربيع العربي” كان وقت اختبار للقانون الدولي الإنساني وجاهته؛ لأن أحداث 2011 (وما بعده) هي تذكير مفيد بالمعايير التي يجب استيفاؤها لتحديد ما إذا كان القانون الدولي الإنساني ينطبق أم لا وما مجموعة القواعد المنطبقة مع ما يصاحب ذلك من مستويات الحماية. قد يكون من الصعب الإجابة عن مثل هذه الأسئلة ولكن من الضروري أن تحرك مثل هذه الإجابات المنظومةَ الوقائية للقانون الدولي الإنساني، وإذا فشل ذلك فمن الضروري أن تيسَّر مساءلة الدول والأفراد لإخفاقهم في الالتزام بها.

تيري جل، تصنيف النزاع في سورية، مجلة دراسات القانون الدولي

تبحث هذه الدراسة تصنيف النزاع المسلح الحالي في سورية بموجب القانون الدولي الإنساني. تحدد الدراسة أولًا الخلفية الوقائعية التي تحدد الأطراف الرئيسية وتحالفاتها ودوافعها. ثم تشرع الدراسة في فحص مسألة تصنيف النزاع بموجب القانون الدولي الإنساني وتناقش المسألة الخلافية الخاصة بأثر عدم موافقة حكومة دولة ما على التدخل الأجنبي في نزاع مسلح غير دولي دائر عندما يكون هذا التدخل موجَّها ضد جماعة مسلحة واحدة أو أكثر تعمل من داخل أراضي تلك الدولة.

ثم تشرع الدراسة في تطبيق هذه الاعتبارات الوقائعية والقانونية على الوضع المعقد في سورية، وتحدد النزاعات المسلحة الموازية الدائرة في سورية وتصنيفها، وتسوق حججًا تبيّن لِم التصنيف مهم.

جيم سليزمان، أن تشن حربًا غير تقليدية وفقًا لقانون النزاعات المسلحة، مجلة القانون العسكري

تتضمن عمليات [الحروب غير التقليدية] العديد من المسائل القانونية الفريدة التي غالبًا ما تكون غير مستقرة، بما في ذلك سلطة تسيير العمليات والتمويل والوضع القانوني للأفراد، ومجموعة من المسائل الأخرى. ونادرًا ما تكون المعايير القانونية [للحرب غير التقليدية] واضحة وتعتمد على تفاصيل مهمّة أو حملة أو نزاع معين. ويجب أن تعرف [القوات الخاصة] إمكانية تأثير عمليات [الحرب غير التقليدية] الفردية التي تنفذها وحدات صغيرة على الأمور على المستوى الدولي.

إليان روثكوف، القانون الدولي الإنساني وممارسات الجماعات من غير الدول في النزاع المسلح: امتيازات المحارب والتطبيق على المقاتلين الأكراد في سورية، مجلة النزاع وقانون الأمن

هل يتمتع المقاتلون المرتبطون بجماعات مسلحة غير تابعة لدول بالامتيازات التي يتمتع بها المقاتل في النزاع المسلح؟ من المألوف أن تكون الجماعات المسلحة غير التابعة لدول طرفًا في النزاعات المسلحة المعاصرة. لكن القانون الدولي الإنساني، لا سيما القانون المتعلق بامتيازات المقاتلين ووضع أسير الحرب، قد أُعد مع وضع الأطراف الفاعلة التابعة للدول في الاعتبار.

يقيِّم هذا البحث  الظروف التي يتمتع بموجبها أفراد الجماعات المسلحة غير التابعة للدول بامتيازات المقاتلين. ويستخدم البحث  حالة المقاتلين الأكراد في سورية مثالًا على مناسبة هذا السؤال لوقتنا الحالي وتداعيات الوضع على الأطراف الفاعلة في النزاع. يشير هذا البحث، استنادًا إلى اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الإضافية ومصادر أخرى من القانون الدولي الإنساني، إلى أن القانون الدولي الإنساني لا يضع في حسبانه امتيازات للمقاتلين من الجماعات المسلحة في نزاع مسلح غير دولي.

لكن يدفع البحث بأن المجتمع الدولي يجب أن يتفق على قاعدة يمكن تعميمها لمعاملة هؤلاء كمقاتلين بغض النظر عن نوع النزاع، إذا أظهروا القدرة والاستعداد للالتزام بالقانون الدولي الإنساني. من شأن مثل هذه القاعدة أن تقلل الحاجة إلى تقييم نوع النزاع ووضع المقاتلين الأفراد في حالة وقوعهم في الأسر، والأهم من ذلك أنها ستحفز الامتثال المستمر للقانون الدولي الإنساني.

تيلمان رودنهاوسر، الالتزامات القانونية الدولية لجماعات المعارضة المسلحة في سورية، المجلة الدولية للقانون

بدءًا بالاحتجاجات السلمية التي شارك فيها أشخاص لمطالبة النظام في دمشق بإصلاحات ديمقراطية وحقوق أساسية، تطورت الأزمة السورية إلى حرب أهلية كاملة حصدت عددًا كبيرًا من القتلى بخلاف الجرحى وما نجم عنها من نزوح. خلال العام الأول من الأزمة، اتسم العنف في سورية بقمع وحشي للمتظاهرين على أيدي قوات النظام. وفي مواجهة عنف جامح من قوات الدولة، انتظمت بالتدريج صفوف جماعات المعارضة سياسيًا وعسكريًا. يركز هذا البحث  على الالتزامات القانونية الدولية لجماعات المعارضة المسلحة في سياق هذه الأزمة.

هذه الالتزامات واردة بوضوح في القانون الدولي الإنساني، ويمكن التدليل أيضًا على ورودها في القانون الدولي لحقوق الإنسان. ولكي يتحدد القانون الواجب التطبيق، تعد خطوة تصنيف الوضع باعتباره إما نزاعًا مسلحًا وإما توترًا واضطرابات داخلية خطوة محورية لكنها مثيرة للجدل. يبحث هذا البحث  في أي مرحلة من مراحل الأزمة صارت التزامات الجماعات المسلحة غير التابعة للدول بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني ذات صلة بالموضوع، ويوضح أسباب ذلك.

ويدلل البحث  على أنه حتى قبل أن تتحول الأزمة السورية إلى نزاع مسلح غير دولي، فجماعات المعارضة كانت ملزمة بالقواعد الأساسية للقانون الدولي لحقوق الإنسان. وبالإضافة إلى هذه القواعد، صارت جميع أطراف النزاع المسلح ملزمة بالقانون الدولي الإنساني بمجرد أن وصل الوضع إلى درجة معينة من العنف، وكانت الجماعات غير التابعة للدول على درجة كافية من التنظيم. من خلال دراسة الأزمة السورية، يوضح هذا البحث  ما تعنيه هذه المعايير المجردة عند تنزيلها على الواقع العملي.

برايان مكجونيجل، الوصول إلى الأدوية في أوقات النزاع: تداخل الامتثال للقانون والمساءلة، مجلة الصحة وحقوق الإنسان

لمعالجة الحاجة الماسة إلى تحسين الوصول إلى الأدوية في سورية من منظور الامتثال للقانون الدولي والمساءلة، يسلط هذا البحث  الضوء على أربعة أطر قانونية يكمل بعضها بعضًا، هي: القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي لمراقبة المخدرات، والقانون الدولي الإنساني، والقانون الجنائي الدولي.

يصل البحث  إلى استنتاجين رئيسيين؛ الأول: تمتلك جميع مجموعات القوانين الأربعة إمكانات واضحة من حيث آليات التنظيم – ومن ثم الامتثال – وآليات المساءلة الرامية إلى تحسين الوصول إلى الأدوية في أوقات النزاع، لكنها آليات ضعيفة للغاية إذا عمل كل منها منفردًا.

والثاني، تكمن إمكانية التغيير على أرض الواقع في التعزيز المتبادل لهذه الأطر القانونية الأربعة. ومع ذلك، يظل هذا التعزيز كلامًا شفهيًا لا أكثر وبعيدًا عن التطبيق العملي. وأخيرًا، ضمن هذه الصورة المعقدة للأطر القانونية الدولية التي يكمل بعضها بعضًا، يقترح البحث  توصيات ملموسة لتفسير وتنفيذ أكثر تكاملًا وتعزيزًا متبادلًا لهذه المجالات القانونية من أجل تعزيز الوصول بشكل أفضل إلى الأدوية في سورية وأماكن أخرى.

فرانسيسكا كابوني، “أسوأ” من الجنود الأطفال؟: تحليل نقدي للأطفال الأجانب في صفوف تنظيم جماعة الدولة الإسلامية، مجلة القانون الجنائي الدولي

رغم أن العديد من المشاكل المتعلقة بتجنيد الأطفال قد استُكشِفت ونوقشت، فمما لا سبيل لإنكاره استمرار ظهور مسائل جديدة في كل سياق متأثر بهذه الظاهرة. ويبدو أن النزاعات المسلحة الحالية في سورية والعراق صادمة لأسباب عديدة، بما في ذلك الوجود غير المسبوق للأجانب وانتشار تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل المجموعات المسلحة من غير الدول، لا سيما تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.

يجادل هذا البحث  بأنه في حين أن النظرة “التقليدية” إلى الجنود الأطفال المنتسبين إلى قوات أو جماعات مسلحة أنهم ضحايا لا جناة، فإن الأطفال الأجانب في صفوف مجموعات مسلحة من غير الدول مثل تنظيم الدولة الإسلامية يُنظر إليهم أولًا وقبل كل شيء باعتبارهم تهديدًا للأمن القومي والدولي. يقدم هذا البحث  نظرة عامة نقدية على الجوانب الأكثر صلة بما في ذلك الإطار القانوني الحالي، وتجنيد تنظيم الدولة الأطفال الأجانب واستغلالهم، والتحديات المرتبطة بتصميم وتنفيذ عمليات هادفة لإعادة إدماجهم.

دانييلا دام جونج، جماعات المعارضة المسلحة والحق في ممارسة السيطرة على الموارد الطبيعية العامة: تحليل قانوني لحالتي ليبيا وسورية، المجلة الهولندية للقانون الدولي

تبحث هذه الدراسة في ما إذا كان القانون الدولي يقدم أساسًا قانونيًا لاستغلال جماعات المعارضة المسلحة المواردَ الطبيعية. هذه المسألة ذات أهمية كبرى بالأخص في ضوء النزاع المسلح المستمر في سورية والنزاع المسلح في ليبيا الذي اندلع في عام 2011، حيث تبحث دول ثالثة عن طرق لتقديم دعم غير عسكري لحركة المعارضة، بما في ذلك السماح لها بتصدير النفط.

تبحث الدراسة في ثلاثة أسس قانونية محتملة لحق جماعات المعارضة المسلحة في استغلال الموارد الطبيعية: القانون الدولي الإنساني، والاعتراف بجماعة المعارضة المسلحة كممثل للدولة، والاعتراف بها كممثل للشعب.

ومع أن هذه الدراسة تخلص إلى أن القانون الدولي الحالي لا يسمح لجماعات المعارضة المسلحة باستغلال الموارد الطبيعية، فإنه يجادل لصالح تطبيق مفهوم “حق الانتفاع شرط عدم الإضرار (usufruct)” المستقى من القانون الدولي للاحتلال على النزاعات المسلحة الداخلية. وعلى أساس هذا المفهوم، تُمنح جماعات المعارضة المسلحة التي تتميز بدرجة عالية من التنظيم الحقَّ في استغلال الموارد الطبيعية الموجودة داخل الإقليم الخاضع لسيطرتها بغرض إنشاء إدارة مدنية والحفاظ عليها.

هنا هي، حماية التراث الثقافي خلال النزاعات المسلحة: قواعد جديدة لاستهداف الممتلكات الثقافية أثناء النزاع مع تنظيم جماعة الدولة الإسلامية، مجلة ميريلاند للقانون الدولي

لطالما وصفت منطقة الشرق الأوسط بأنها “مهد الحضارة”، وهي موطن لعدد لا يحصى من المواقع ذات الأهمية الثقافية. كانت المنطقة أيضًا مركز صراعات دينية على مر القرون، ففيها اشتبكت قبائل بعضها مع بعض، وإلى الأراضي المقدسة زحف الصليبيون، وإليها هاجر عدد كبير من اليهود.

بلغ هذا الصدام المستمر بين الثقافات ذروته بعد أن طالت آثاره العديد من المواقع التاريخية في جميع أنحاء سورية والعراق، حيث تهدد النزاعات الدائرة سلامة تلك المواقع. تستكشف هذه الورقة الحماية التي يقدمها القانون الدولي لهذه المواقع التاريخية وتوصي بقواعد جديدة للقتال لحماية هذه المواقع لأجل الأجيال القادمة.

يقدم الجزء الأول من هذه الورقة لمحة عامة موجزة عن تطور القانون الدولي العرفي الذي يحمي الممتلكات ذات الأهمية الثقافية. بينما يحدد الجزء الثاني التهديدات الحالية التي تحيق بمثل هذه المواقع، والدوافع وراء هذه التهديدات، وكيف استجاب المجتمع الدولي لذلك. أما الجزء الثالث فيقترح سبلًا لمكافحة هذه الأنماط من التهديدات. 

اطلع غيرك على هذا المقال

تعليقات

لا توجد تعليقات الآن.

اكتب تعليقا