في 11 أيار/ مايو الماضي، نظمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ندوة على منصة الإعلام الاجتماعي تويتر عن أبعاد الحماية التي يوفرها القانون الدولي الإنساني للصحافيين في مناطق النزاع المسلحة. جاءت الندوة عقب الخبر المفجع بمقتل الصحافية الفلسطينية القديرة ومراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة.
في هذه السطور، تسجيل لما ورد في هذه الندوة المهمة.
صفاء: السلام عليكم. أنا اسمي صفاء مجدي، المسؤول الإقليمي للتواصل الرقمي في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في المنطقة العربية. أرحب بكم اليوم [11 أيار/ مايو] وأشكركم على حضوركم جلسة اليوم المباشرة، في يوم حزين حيث الخبر موجود في كل وسائل الإعلام اليوم، وهو خبر مقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة، ونحن في اللجنة الدولية للصليب الأحمر نقدم تعازينا لأسرتها وأحبابها، وعلى خلفية هذا الخبر نتحدث معكم اليوم ومعي زملائي في اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن حماية الصحفيين بموجب القانون الدولي الإنساني، معي اليوم الأستاذة إنجي أبو العيون، مستشار قانوني بالمكتب الإقليمي للقانون الدولي الإنساني، وكذلك زميلي العزيز المتحدث الرسمي باسم اللجنة الدولية في الضفة الغربية يحيى مسودة، أرحب بهما وبكم.
حديثنا اليوم سيركز على موقف القانون الدولي الإنساني من الصحفيين في أوقات النزاع، كذلك سننتقل ونتحدث قليلًا على أرض الواقع عن المخاطر التي يواجهها الصحفيون بالفعل خلال عملهم، وكيف تساعد اللجنة الدولية للصليب الأحمر في هذا الأمر. سيكون حديثنا في البداية في الشق القانوني، وسأبدأ الحديث مع الأستاذة إنجي. في حالة ما إذا كان هناك من يسمعنا ولا يعرف الكثير عن القانون الدولي الإنساني، أو ما علاقته بالنزاعات، سريعًا يمكن أن تعرِّفينا على هذا القانون وما علاقته بالنزاع؟ ولماذا نتحدث عنه اليوم بعد الحادث؟
إنجي: شكرًا صفاء، في البداية أتقدم بخالص العزاء في وفاة المراسلة القديرة شيرين أبو عاقلة أثناء تغطيتها للأحداث الدائرة في مخيم جنين اليوم، وطبعًا هذا مثال جديد على الثمن الذي يدفعه الإعلاميون والصحفيون خلال تغطية الأحداث في مناطق النزاع.
بالنسبة للقانون الدولي الإنساني، قد يكون بالنسبة لغير المتخصصين، وهنا أقصد غير المتخصصين في القانون الدولي الإنساني، يكون القانون غير مفهوم قليلًا، أو غير مفهوم الهدف منه، لأنه عبارة عن مجموعة من القواعد التي تسعى أثناء النزاعات المسلحة إلى حماية الأشخاص الذين لا يشاركون أو الذين كفُّوا عن المشاركة في الأعمال العدائية وتقييد وسائل وأساليب الحرب.
بمعنى آخر هو فرع من القانون الدولي العام يقيم التوازن بين متطلبات الضرورة العسكرية وبين الاعتبارات الإنسانية، هو ليس قانونًا يمنع استخدام القوة، هنا نتحدث عن فرع آخر من القانون أو نتحدث عن ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 الذي ينظم أو يمنع استخدام القوة إلا في حالات معينة، وهي حالات الدفاع الشرعي عن النفس أو إجازة مجلس الأمن. ولكن هنا نحن نتحدث عن فرع آخر من القانون الدولي العام وهو القانون الدولي الإنساني الذي لا يضع في الاعتبار الغرض من النزاع المسلح، ولكنه يحمي الأشخاص الذين لا يشاركون في هذه العمليات العدائية أو توقفوا عن المشاركة بالفعل نتيجة للعجز أو المرض أو الاحتجاز أو الاستسلام، بالتالي من أهم تحديات القانون الدولي الإنساني فهم الهدف منه أو حدود القانون الدولي الإنساني.
صفاء: شكرًا جزيلًا أستاذة إنجي، بالنسبة للصحفيين تحديدًا، هل نحن نعاملهم معاملة المدنيين أو ما هي حقوقهم طبقًا للقانون الدولي الإنساني، هناك أشخاص كثيرون يشاركوننا اليوم؛ صحفيون أو من خلفية صحفية، أريد أن أنوه إلى أن الغرض من جلستنا اليوم أن يعرف كل صحفي حقوقه بموجب القانون الدولي الإنساني، هل يمكن أن تحدثينا في هذه النقطة أستاذة إنجي؟
إنجي: يجب على أي شخص يوجد على إقليم دولة بها حالة نزاع مسلح أن يعرف ما هو القانون الدولي الإنساني، يجب أن يعرف الحماية التي يكفلها له القانون الدولي الإنساني، وبالتالي يضمن توفير هذه الحماية. إن القانون الدولي الإنساني يتعامل مع الصحفيين أو يوفر لهم الحماية باعتبارهم مدنيين، وبالتالي الهدف الأساسي لقولي أن الصحفي عبارة عن شخص مدني هو أن له الحماية ضد الهجمات المباشرة، لا يجوز مهاجمتهم عمدًا ما لم يشاركوا مشاركة مباشرة في العمليات العدائية.
قد نجد أن الحماية للصحفيين الذين يباشرون مهمات مهنية خطرة في مناطق النزاعات المسلحة بصفتهم مدنيين، نص عليها البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، ولكنه اشترط أيضًا عدم مشاركتهم مشاركة مباشرة في الأعمال العدائية ليتمتعوا بهذه الحماية، وهذا أيضًا ما أقرته القاعدة 34 من القانون الدولي الإنساني العرفي واجبة التطبيق في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، حيث نصت على وجوب احترام وحماية الصحفيين المدنيين العاملين في مهام مهنية في مناطق نزاع مسلح ما داموا لا يقومون بجهد مباشر في الأعمال العدائية، وبالتالي فإن حمايتهم بصفتهم مدنيين مشروطة أو مرهونة بعدم مشاركتهم في الأعمال العدائية، وهنا أريد أن أؤكد على أن تعمد توجيه هجوم ضد مدنيين يشكل جريمة حرب، وبالتالي يجب محاكمة من تعمد هجومًا ضد مدنيين.
هناك جزء مهم آخر أريد إضافته هنا، أنه يجب التفرقة بين الصحفي المحمي بصفته شخصًا مدنيًّا وأفراد الصحافة العسكرية، هؤلاء الأفراد جزء من القوات المسلحة التابعة لدولة طرف في النزاع، فهم ليسوا مدنيين بل مقاتلون وبالتالي يجوز استهدافهم أثناء النزاع المسلح، ولكن بطبيعة الحال هم محميون من الهجوم عندما يصبحون عاجزين عن القتال، أي في حال جرحهم، مرضهم، احتجازهم، أو في حالة استسلامهم.
يمكن أيضًا أن نسلط الضوء على ما ينص عليه القانون الدولي الإنساني حيال احتجاز أو اعتقال الصحفيين لأن هذا أيضًا جزء مهم جدًّا، وهو أن القانون الدولي الإنساني لا يحظر اعتقال أو احتجاز الصحفيين، بل يمكن احتجازهم بصفتهم مدنيين لأسباب أمنية، ولكن يجب إطلاق سراحهم فور انتفاء الأسباب الأمنية المرتبطة باحتجازهم، ولكن في جميع الأحوال طبعًا يجب معاملتهم بإنسانية وكرامة، احتجازهم في مبانٍ بعيدة عن منطقة القتال، حمايتهم من أي أعمال عنف، فضلًا عن التمييز والسباب وفضول الجماهير، طبعًا السوشيال ميديا الآن جعلت – للأسف – أي شخص عرضة أو يتعرض بالفعل لفضول الجماهير، كثير من الناس تتدخل في شؤون هؤلاء الأشخاص، يريدون معرفة أشياء كثيرة قد لا تعنيهم، هذا أيضًا تم النص عليه صراحةً، وفي النهاية يجب أن يُكفل لهم حدٌّ أدنى من ظروف الاحتجاز، أي الإعاشة، المأكل، الملبس، النظافة، الرعاية الصحية.
هناك إضافة أخرى أن هناك وضعًا خاصًّا للصحفيين أو المراسلين الحربيين كما يطلق عليهم، وهم الصحفيون الذين يرافقون القوات المسلحة التابعة لدولة طرف في النزاع بموجب تصريح رسمي، طبعًا المراسل الحربي الذي لديه تصريح رسمي من القوات المسلحة يتمتع بصفة الأسير في حالة احتجازه أو إلقاء القبض عليه، وطبعًا هذه الصفة لا وجود لها إلا في النزاعات المسلحة الدولية.
صفاء: في كل الأحوال نحن نؤكد على فكرة أن يكون التعامل بإنسانية سواء كان هذا الصحفي مدنيًّا يغطي الأحداث، أو مراسلًا حربيًّا مع القوات.
إنجي: بالضبط هذا في جميع الأحوال، ولكن هناك حماية إضافية للمراسل الحربي نظرًا لأنه يرافق القوات المسلحة، فهو يكون معهم أثناء العمليات القتالية أو العدائية، بالتالي هو أكثر عرضة للاحتجاز أو إلقاء القبض عليه، لذلك منحته اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الأول صفة أسير الحرب في حالة إلقاء القبض عليه، وبالتالي تنطبق عليه اتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بحماية أسرى الحرب.
صفاء: تمام، شكرًا لحضرتك أستاذة إنجي، أنتقل بالحديث لزميلي الأستاذ يحيى، ونريد أن نترجم الكلام القانوني على أرض الواقع، أريد أن نعرف أكثر عن المخاطر التي قد يواجهها الصحفيون خلال أداء عملهم في مناطق النزاع.
يحيى: مساء الخير، أنا اسمي يحيى مسودة، مسؤول الإعلام والمتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في منطقة الضفة الغربية والقدس، طبعًا نحن جميعًا نعرف المخاطر العظيمة التي يعيشها الصحفي سواء الفلسطيني أو حتى الصحفي الأجنبي كل يوم نتيجة النزاع الدائم والصراع القائم في منطقة الأراضي المحتلة.
في البداية، الخبر الذي تلقيناه اليوم هو خبر صادم لنا وللجميع، لا يوجد أحد لا يعرف الصحفية شيرين أبو عاقلة، أنا من الناس الذين تربوا على صوتها، في أيام الانتفاضة الثانية وأيام الاقتحامات وحتى أيام حرب غزة، أريد أن أقدم تعازينا لأسرتها وأصدقائها وزملائها في العمل ولجميع الطواقم الصحفية، وأيضًا لنا.
صراحةً نحن نعيش كل يوم، قد لا تكون هذه هي المرة الأولى التي يُقتل فيها صحفي، وشكرًا للأستاذة إنجي لتوضيح مبادئ القانون الدولي الإنساني فيما يخص الصحفيين، ومثلما قالت يجب معاملتهم معاملة إنسانية، شأنهم شأن جميع المدنيين.
هناك خطوات كلجنة دولية، مثلنا مثل أي مؤسسة دولية، هناك حدود لعملنا، هناك أمور يتم تفويض اللجنة الدولية للتدخل فيها، وهناك أمور أخرى ليست من ضمن صلاحيات اللجنة الدولية، هذا كبداية. يمكن أن نتخصص قليلًا في عدة أمور، صفاء.
على سبيل المثال، بالنسبة لنا كلجنة دولية طلبنا اليوم عمل تحقيق شامل وكامل ومعرفة جميع التفاصيل الدقيقة لهذا الحدث المأساوي، وقمنا بحث جميع الأطراف الفاعلة ذات العلاقة على ضرورة احترام المدنيين وحمايتهم، ولكن فعليًّا هل هناك احترام أو هل هناك متابعة لهذه القوانين؟ هل تقوم السلطات بالفعل باتباع القوانين الدولية والقانون الدولي الإنساني؟ طبعًا بالنسبة لنا من أهم الأمور التي نقوم بها عمل جلسات حوارية سواء مع السلطات نفسها، مع الجنود الفاعلين في الميدان لتعريفهم بالقانون الدولي الإنساني، هذه أحد الأمور التي تقوم بها اللجنة الدولية بشكل دوري ومستمر، نقوم بعمل ورش عمل، مجموعة جلسات دورية مع هؤلاء الناس، نعرفهم أكثر عن مبادئ القانون الدولي، وما ينص عليه القانون الدولي، اتفاقيات جنيف، ضرورة حماية الصحفيين وغيرها.
الجزء الثاني والأهم وهو مجموعة الجلسات الدورية وورش العمل مع الصحفيين، سواء كانوا صحفيين فلسطينيين، إقليميين، أو حتى أجانب، هناك جلسات دورية نقوم بمتابعتها مع الصحفيين بهدف تعريفهم على حقوقهم، أنت كصحفي ما هي الحقوق التي يوفرها لك القانون الدولي الإنساني والتي ينص عليها هذا القانون، بالإضافة إلى اتفاقيات جنيف وكيفية حماية المدنيين وكل هذه الأمور.
صفاء: شكرًا جزيلًا يحيى، أريد التركيز على نقطة مهمة ذكرتها وهي فكرة أن القانون له حدود أو دورنا له حدود. عندما تحدثنا اليوم عن مطالبتنا بالكشف عن تفاصيل الحادث، قد يعتقد البعض أن الصليب الأحمر يستطيع التدخل في التحقيقات أو أننا جهة قد تشارك في التحقيقات، قد يكون هناك لبس عند الناس، لذلك أريد تعقيبك على هذه النقطة.
يحيى: جميع الناس يعتقدون أنه بما أن لدينا تدخلات بخصوص المحتجزين وأسرى الحرب كما ذكرت الأستاذة إنجي، كما قلت سابقًا، اللجنة الدولية كغيرها من المؤسسات والمنظمات الدولية يكون هناك أعمال محددة لها، فاللجنة الدولية لا تشارك في أي تحقيقات بهدف كشف مثلًا مقتل شخص معين أو مدنيين، اللجنة الدولية تطالب بعمل هذه التحقيقات بصفتها مؤسسة إنسانية، هي راعية القانون الدولي الإنساني، ولكن لا تتدخل أبدًا ولا تكون جزءًا من هذه اللجان، من الممكن أن تكون وسيطًا محايدًا بهدف مثلًا تنسيق أو تسهيل عمل هذه اللجان ولكن لا تكون جزءًا من هذه اللجان.
صفاء: بالضبط ويكون دورنا أن نسهل العملية، كذلك أتذكر أنه ضمن الأخبار التي قرأتها سابقًا عن اللجنة الدولية أننا كنا نشارك بالفعل في تسهيل إطلاق سراح الصحفيين في بلاد كثيرة مثل ليبيا في 2011، وكما ذكرت، دورنا ليس أننا نشارك في التحقيقات، فنحن أساس عملنا الإنسانية وأن يكون التعامل في هذه الحالات معاملة إنسانية. أريد أيضًا أن أتحدث معك يحيى عن الصحفيين المحتجزين، وبالفعل أشارت أستاذة إنجي إلى حقوقهم من الناحية القانونية، أريد أن أتحدث على أرض الواقع كيف نساعد أو كيف نحمي الصحفيين المحتجزين.
يحيى: كما ذكرت زميلتنا إنجي، تقدم اللجنة الدولية للصحفيين المحتجزين ما يمكن أن تقدمه لغيرهم من المدنيين، أي معاملتهم نفس معاملة المدنيين الذين يعيشون في نفس الظروف، هذا المحتجز مدني أو صحفي، اللجنة الدولية تعامله نفس المعاملة، هناك زيارات دورية لهم، تقييم ظروف الاحتجاز، معاملة المحتجزين، هناك أيضًا خلال الاجتماعات الدورية مع السلطات على سبيل المثال مطالبتهم بتحسين ظروف احتجازهم، يكون هناك حوار مستمر مع السلطات، مناقشة مسألة احترام الضمانات الإجرائية والقضائية، نركز على الحماية والسلامة البدنية للصحفيين شأنهم شأن المدنيين. خلال زيارات اللجنة الدولية، وهنا أتحدث أكثر عن الأراضي المحتلة، في فلسطين والضفة الغربية، هي المؤسسة الدولية الوحيدة التي تقوم بزيارة أماكن الاحتجاز الإسرائيلية، مندوبو اللجنة الدولية بالإضافة إلى طبيب اللجنة الدولية يقومون بزيارات دورية إلى أماكن الاحتجاز، إلى السجون نفسها، نقوم بلقاء الأسرى أنفسهم، الحديث معهم، الحديث عن مشاكلهم، توفير بعض الخدمات إذا كان بالإمكان.
هناك مشكلة عادةً ما نعانيها بتواصلنا مع الإعلام، أن الإعلام يريد أن يعرف ماذا تجدون أو ترون داخل السجون، موضوع السجون بشكل خاص هو موضوع حساس جدًّا بالنسبة للجنة الدولية، كما ذكرت سابقًا نحن المؤسسة الوحيدة التي تقوم بزيارة الأسرى، وأهميتنا والأولوية لنا هي ضمان استمرار هذه الزيارات، لذلك أي أمور نشاهدها داخل السجون، أي مخاوف من قبل الأسرى أنفسهم، نقوم برفعها لمستويات أعلى، يمكن على سبيل المثال رفعها لمصلحة السجون، وإذا لم تتجاوب يمكن رفعها إلى الحكومة نفسها، إذا لم تتجاوب يمكن رفعها إلى وزارة الخارجية وهكذا، إلى أن تصل على سبيل المثال لإدانة بعض الإجراءات الموجودة داخل السجون، أي أن هناك عدة مستويات لتدخلات اللجنة الدولية للصليب الأحمر داخل أماكن الاحتجاز. ولكن معاملة المحتجزين والصحفيين داخل أماكن الاحتجاز هي معاملة واحدة، نفس معاملة المحتجزين العاديين يُعامل بها أيضًا الصحفيون المحتجزون.
صفاء: شكرًا جزيلًا أستاذ يحيى. أريد أن أؤكد أيضًا على نقطة، كنت أتساءل حتى بعد عملي باللجنة الدولية، لماذا لا نشارك الجمهور ملاحظاتنا من السجون، ولكن من التجارب التي كانت فارقًا بالنسبة لي وفي تكوين رأي عن هذا الموضوع، عندما نسمع من الأسرى أو المحتجزين أنفسهم، وهم أصحاب الشأن أولًا وأخيرًا، بالفعل هم يهتمون أكثر بزيارة مندوب الصليب الأحمر في أكثر من مستوى، وهو أهم من أن أعلن للجمهور ما نراه داخل السجون، فمعرفة أن أصحاب الشأن أنفسهم إن خُيروا سيختارون في كل الأحوال استمرار زيارات الصليب الأحمر والتي تعمل بموجب السرية، للأسف قد يكون معظم الجهد الذي نقوم به لا يخرج للعلن، ولكنه يخدم الشخص المعني بهذه الخدمة.
يحيى: تخيلي صفاء أنه مثلًا لا توجد لجنة دولية ولا توجد أي رقابة داخل السجون، تخيلي كيف سيكون الحال داخل السجون. كثيرًا ما نسمع عن حالات تعذيب، عن سوء معاملة داخل السجون، عن ظروف احتجاز صعبة، كل هذه الأمور عندما يراها مندوبو اللجنة الدولية ويحاولون رفعها بشكل أعلى على أساس محاولة تغيير السلوك الموجود داخل أماكن الاحتجاز. أنا لا أتحدث فقط عن زيارات اللجنة الدولية داخل أماكن الاحتجاز الإسرائيلية، ولكن أتحدث عن عمل اللجنة الدولية بشكل عام في جميع دول العالم. نحن نتبع مبدأ السرية، بالنسبة لنا هو أكثر مبدأ سهَّل للجنة الدولية للصليب الأحمر القيام والاستمرار في مهامها وعملها داخل أماكن الاحتجاز.
لذلك أرى أن التغطية الإعلامية بالنسبة لعمل اللجنة الدولية داخل أماكن الاحتجاز تكون قليلة، ومن الصعب أن تتحدث اللجنة الدولية عن الأمور التي تراها داخل أماكن الاحتجاز، لأنه بالنسبة لنا يهمنا ثقة من نتعامل معهم، وثقة الأسرى أنفسهم، هناك خلال الحديث مع الأسرى أنفسهم قد يطلب أسير أن يكون الأمر الذي رواه بيننا لا يريد أن يعرفه أحد، فهناك احترام للخصوصية واحترام لمبدأ سرية عمل اللجنة الدولية ومندوبي اللجنة الدولية داخل أماكن الاحتجاز.
إنجي: أريد أن أؤكد على كلامك في الجزء الخاص بمنهج السرية واعتراف المحاكم الدولية بدور اللجنة الدولية للصليب الأحمر وأهمية حماية اللجنة الدولية حتى تستمر في تقديم مهامها الإنسانية سواء فيما يتعلق بزيارة أماكن الاحتجاز أو بشكل عام في العمل الميداني الذي تقوم به في مناطق كثيرة، هناك حكم صادر عن محكمة يوغوسلافيا السابقة وأيضًا النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أكدوا على عدم السماح أو طلب مندوبي اللجنة الدولية للشهادة أمام المحاكم الدولية، وبالتالي هذا ينطبق أيضًا أمام المحاكم الوطنية، وهذا يؤكد أن المجتمع الدولي يعترف بالدور الذي تقوم به اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ويعترف أيضًا بمنهج السرية الذي تعمل بموجبه اللجنة الدولية، لأنه يحقق النتيجة الأساسية من وجودها أو إنشائها في الأساس وهو تقديم مساعدة للأشخاص المتضررين من النزاعات المسلحة.
صفاء: شكرًا جزيلًا أستاذة إنجي، بالفعل إضافة مهمة جدًّا، إن الموضوع له تاريخ وحتى الآن نرى أثره، نحن منظمة تعمل منذ أكثر من 150 عامًا، ومبدأ السرية من أهم المبادئ، وهو ما يمكننا من القيام بعملنا.
أريد أن ألخص وسؤالي لأستاذة إنجي وأستاذ يحيى، أنا صحفية وعملي أن أغطي أخبارًا في مناطق نزاعات، سريعًا نلخص ما هي الخدمات أو كيف تساعدني اللجنة الدولية للصليب الأحمر؟
إنجي: سيكون ردي أقصر بكثير من رد يحيى، لأن يحيى بالتأكيد على دراية أكبر بهذا الجزء، أو يستطيع تقديم المعلومات بشكل أوضح. ما أطلبه من أي صحفي يعمل في منطقة نزاع مسلح أن يكون على دراية بأحكام الحماية المقررة له بموجب القانون الدولي الإنساني، ألا يقوم بأي عمل يعتبر مشاركة في الأعمال العدائية لأن هذا سيفقده الحماية، في حالة أنه مراسل حربي يرافق القوات المسلحة التابعة لدولة طرف في النزاع يحتفظ بالتصريح الرسمي لأن هذا التصريح سيضمن له صفة أسير حرب في حالة إلقاء القبض عليه أو إذا وقع في الأسر.
يحيى: بالنسبة لنا هنا في الأراضي المحتلة قد تكون من أكثر السياقات المعقدة قليلًا بالنسبة لما هو موجود بدول العالم أجمع، الوضع هنا حساس إلى حدٍّ ما بالنسبة لموضوع الأسر والاحتجاز وحتى موضوع زيارة الأسرى أنفسهم، ولكن شأنهم شأن المدنيين أنفسهم في حالة وجود اعتقال أو حتى انتهاك أو حتى استهداف لأي صحفي أو مدني، يجب إبلاغ اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إبلاغ أقرب مكتب تابع للجنة الدولية، اللجنة الدولية لديها العديد من العلاقات مع السلطات المختلفة، نقوم بالتنسيق والاتصال بشكل مباشر مع السلطات بهدف حماية المدنيين أو حماية المستهدفين من الصحفيين، لذلك أبوابنا مفتوحة للجميع، يُرجى التوجه لأقرب مكتب تابع للجنة الدولية للصليب الأحمر في جميع مناطق عملها، هذا هو الهدف المجمل وأنا دائمًا جاهز للرد على أي استفسار.
صفاء: شكرًا جزيلًا أستاذ يحيى وأستاذة إنجي على جلسة اليوم، ولقاؤنا اليوم هو جزء من الجهود التي نسعى أن نضطلع أو نقوم بها، أن نعرف الناس، مثلما يقال المعرفة قوة، عندما أعرف حقوقي ومبادئ القانون، هذا يجعلني في موقف أفضل، كما قالت أستاذة إنجي نقطة مهمة جدًّا، ما دمت صحفيًّا مدنيًّا لا تشارك في أعمال القتال فأنت تتمتع بالحماية. أشكركم لحضوركم اليوم وأتمنى أن يكون لقاء اليوم أفادكم وأتمنى أن نلتقي في ظروف أفضل. نكرر تعازينا لأحباب وأسرة المراسلة رحمة الله عليها شيرين أبو عاقلة، حدث مؤسف لنا جميعًا.
تعليقات