لا تعتبر ظاهرة التحرش في مصر جديدة غير أن السنوات الأخيرة وما شهدته من حراك في المجتمع المصري تزامن أيضا مع ازدياد في حالات العنف الجنسي المسجلة وحتى في حدتها، ما قد يدل على موجة عنف مجتمعي تدفع النساء ثمنه باعتبارهن إحدى أكثر حلقات المجتمع ضعفا. غير أن هناك محاولات إيجابية حثيثة للتصدي لها.
كان سور دار الأوبرا المصرية هو الفاصل بين صنوف الفن والثقافة داخل المبنى العريق وحادثة تحرش تعرضت لها المصورة راندا خورشيد وهي تمشى على الرصيف الملاصق للأوبرا. سارت خورشيد على حافة الرصيف الخارجي متجنبة المنطقة المظلمة الملاصقة للسور حتى تنجو من أي متحرش محتمل على حد قولها. أدركت خورشيد سذاجة احتياطاتها، عندما أتاها المتحرش راكبا دراجة بالقرب من الرصيف. “ضربني بقوة وهو يمسك بمناطق من جسدي قبل أن يتحرك مسرعا. أوقفت سيارة تاكسي لألحق به، حينما رأى سائق التاكسي انهياري وبكائي تخيل أن شيئا ما قد سُرق مني”.
بالنسبة لخورشيد، فإن شيئا أكثر أهمية من المال قد سُرق، “كل ما تخيله السائق أن أموالي سُرقت، وحينما أخبرته أنه تحرش بي لم يهتم. حتى عندما رأيت المتحرش مرة أخرى وأوقفت التاكسي وصرخت للحاق به، لم يحرك أحد ساكنا. اعتقد الكل أنني سُرقت، وانصرفوا عني حينما عرفوا أن هذا الشخص تحرش بي. إحساسي بالأمان هو ما سُرق إما من متحرش أو مجتمع متواطئ مع التحرش”.
كشفت دراسة أجرتها “هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة” في العام 2013، أن 99.3% من النساء في مصر تعرضن لتحرش جنسي بشكل من الأشكال. وكانت أحداث العنف الجنسي ضد المتظاهرات بميدان التحرير في السنوات الأخيرة أبرز العلامات الصادمة على ارتفاع معدلات العنف الجنسي في مصر. فقد شهد ميدان التحرير-مركز الاحتجاجات الحاشدة التي اندلعت في البلاد في السنوات الأخيرة-حالات تحرش جماعي ضد المتظاهرات، تطورت في أحيان كثيرة لحالات اغتصاب كاملة في قلب الميدان، بالإضافة لتعرض ضحايا التحرش في أحيان كثيرة لإصابات جسيمة بالآت الحادة.
كانت أشهر هذه الحالات هي حادثة اغتصاب إحدى الفتيات بميدان التحرير في الثامن من حزيران/ يونيو عام 2014 إبان احتفالات تنصيب الرئيس المصري الجديد آنذاك عبد الفتاح السيسي. وأدى نشر فيديو للحادثة لموجة غضب عارمة. طبقا لتقرير أصدرته منظمات حقوقية مصرية، فقد شهد هذا اليوم على الأقل تسعة حالات تحرش وعنف جنسي باستخدام الآلات الحادة.
في هذا الصدد يقول مصطفى محمود، المحامي بمركز “نظرة للدراسات النسوية“، وهي منظمة حقوقية تتخذ من القاهرة مقرا لها، إن أحداث 8 حزيران/ يونيو مثلت صدمة كبرى للمجتمع المصري، مضيفا: “ما لا يعرفه أحد أن هذا هو الحال منذ بدء الثورة [25 كانون الثاني/ يناير 2011] وكنا دوما ما نُتهم بالمبالغة. هذه الحوادث لا تقع فقط في ميدان التحرير، ولكن في كل المواقف التي تخرج فيها النساء للمجال العام”.
دوائر العنف المفرغة
يربط محمود بين موجة الاضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد وحالة العنف المجتمعي المصاحبة وبين تزايد معدلات العنف الجنسي ضد النساء، ويستدرك: “في كثير من الأحيان يتم إلقاء مواد كاوية على أجساد النساء باعتبارهن “فتنة”، هذه مستويات من العنف الجنسي لم نشهدها من قبل”.
كانت الصحفية مي الشامي أكثر حظا من خورشيد، فقد استطاعت الشامي أن ترسل شخصا تحرش بها العام الماضي إلى السجن، حيث يقضي عقوبة السجن لسنتين. تقول الشامي إنها أصبحت تعيش تجارب تحرش جنسي لفظي وجسدي بشكل يومي تقريبا، “أصبح التحرش لفظيا فرصة لأشكر الله أن أحدا لم يلمس جسدي هذا اليوم. أصبحت أخاف من التحرشات الجسدية التي تحدث بسهولة بشكل متكرر يوميا”.
آخر حادثة تحرش جسدي تعرضت لها الشامي كانت وسط زحام مترو الأنفاق، تضيف الشامي “أخاف أن يلمسني أحد، أخاف أن يُلقي على ماء نار [حمض النتريك] إذا ما حاولت الدفاع عن نفسي، أصبحت دوائر العنف السياسي والمجتمعي المحيطة بنا أقرب لنا حينما يتأثر هؤلاء فيفرغون طاقات عنفهم وساديتهم في أجسادنا”.
في حزيران/ يونيو 2014، وقبل ثلاثة أيام من أحداث التحرش الدامية بميدان التحرير، أصدر الرئيس المصري المؤقت السابق عدلي منصور قرارا بتعديل المادة 307 من قانون العقوبات الخاص بالتحرش الجنسي. وقضت التعديلات بتوقيع عقوبات حبس تتراوح ما بين ستة أشهر وخمس سنوات ضد من يثبت قيامه بالتحرش. وبينما يُعتبر هذا القانون خطوة هامة وغير مسبوقة لتجريم التحرش، تطالب منظمات نسوية بالعمل الجاد على تنفيذ بنود التعديلات الجديدة.
قمع النساء لكسر الرجال
لا تقتصر فداحة أحداث العنف الجنسي ضد النساء في المجال العام في العاصمة فقط، ذلك لأنه يمتد حتى أقاصي الصعيد [جنوب مصر] ، حيث المجتمعات القبلية المعروفة بخضوعها لمنظومة أعراف وتقاليد صارمة تحد –نظريا-من امتهان النساء. المديرة التنفيذية لجمعية “جنوبية حرة” النسوية بجنوب الصعيد آيات عثمان تروي واقعا مغايرا.
في نيسان/ أبريل من عام 2014 اندلعت اشتباكات قبلية عنيفة بين قبيلتي الدابودية النوبية والهلايل بمحافظة أسوان، سقط على إثرها نحو 23 شخصا من الطرفين. تقول عثمان إن الاعتداءات على النساء كانت واضحة في هذه الاشتباكات. وطبقا لبحث أجرته “جنوبية حرة” وقتها، ولم يتسن نشره لاعتبارات أمنية، فإن الاشتباكات اندلعت بالأساس لنشوء علاقة بين شاب وفتاة من القبيلتين. وتشرح عثمان: “أثناء الاشتباكات، جرى الاعتداء على النساء من الطرفين كمحاولة لكسر الرجال، كانت تلك الحادثة غير مسبوقة في الصعيد. في أعنف الاشتباكات القبلية لا يتعرض أحد للنساء. مع الانفلات الأمني الحادث بسبب الاضطرابات السياسية في البلاد سارعت القبائل لشراء السلاح، ومنهم النوبيون الذين لم يعتادوا رفع السلاح. انهارت الأعراف القبلية فغاب الرادع الأخلاقي فكانت النساء أولى ضحايا هذا العنف”.
تقول عثمان إن بداية عمل “جنوبية حرة” كانت عن العنف الجنسي في الصعيد وحالة الإنكار المجتمعي المتفشية في المجتمعات الجنوبية لأي اعتداءات ضد النساء. وتقول: “لم تعد الأعراف والتقاليد هي الحاكمة، التحرش والعنف الجنسي متفشي في الصعيد مثلما هو متفشي في القاهرة”.
لا يحتكر المجال العام وحده العنف الجنسي، فإذا كانت النساء أكثر شجاعة في مواجهة التحرش الجنسي بالشارع في الفترة الأخيرة، فإن العنف الجنسي الأسري هو المسكوت عنه. الأختصاصية النفسية بوحدة الاستماع والارشاد النفسي بمؤسسة “قضايا المرأة المصرية” منى فتحي تروي قصصا مؤلمة عن العنف الجنسي بين الأزواج. ففي المؤسسة الواقعة في قلب حي بولاق الدكرور الشعبي، تقول فتحي إن نساء المنطقة اللاتي شاركنها قصصهن يعايشن يوميا عنفا جنسيا من أزواجهن بشكل غير مسبوق. وتذكر فتحي أمثلة قائلة: “بين تلك الطبقات الأكثر فقرا، يلجأ بعض الرجال إلى ضرب زوجاتهن أثناء ممارسة الجنس وفي بعض الأحيان يتم إجبار الزوجات على ممارسات جنسية لا يرغبن فيها. مع ارتفاع نسب مشاهدة الأفلام الإباحية بين بعض الأزواج في الطبقات الفقيرة وتعاطي المخدرات وإدمان أدوية خطرة مثل الترامادول، تمر النساء بخبرات مروعة من العنف الجنسي بشكل شبه يومي”.
حياة انهزامية
وتقول فتحي إن طريقة تعايش النساء مع هذه الخبرات هي طرق انهزامية للغاية، فهن يستسلمن تماما لأوضاعهن خاصة إذا كن ينتمين للطبقات الفقيرة التي لا يمكن معها تحمل رفاهية الطلاق والانفصال عن الزوج الذي هو المصدر الوحيد للإنفاق عليهن. بالنسبة لتلك النسوة فإن تعبير “أنا متضايقة” هو الطبيعي، لإن كل من تتعرضن لمثل هذه التجارب المؤلمة ترين نساء أخريات يعانين بالطريقة نفسها ويستسلمن لآلامهن. وتضيف فتحي: “لم تتأثر الطبقات الأكثر فقرا بأي من التغيرات السياسية الحادثة في البلاد، فهذه الطبقات منعزلة عما يحدث في الخارج. يتأثر هؤلاء فقط سلبا، فمع الاضطرابات السياسية، ترتفع معدلات الفقر، ومعها يزداد العنف، وتدفع النساء فاتورة هذا العنف”.
بالنسبة لخورشيد، فكل ما تفكر فيه للتعايش مع ما عانته من التحرش هو أن تستعد بكامل قواها لتجربة التحرش القادمة: “قررت أن ارتدي ملابس مريحة حتى يمكنني ملاحقة أي متحرش، لن أرتدي أحذية نسائية ذات كعب عالي، سأرتدي أحذية مريحة تساعدني على التحرك بحرية. فكرت في أن أحمل شيئا للدفاع عن النفس، ثم قررت أنني حينما أواجه المتحرش القادم ستكفيني يدي فقط”.
يقول محمود إن محاولات التعايش مع التحرش تؤدي في الغالب لتغييب المرأة عن المجال العام، حيث تقل المساحات العامة وتضع النساء لأنفسهن خططا معينة للخروج في أوقات وأماكن معينة. ويضيف: “تعايش النساء مع التحرش ينتج في الغالب نساء معبآت نفسيا وحانقات على المجتمع وهذا يؤثر سلبا على انتاجيتهن، وبالتالي يتحمل المجتمع بأكمله فاتورة العنف الجنسي ضد النساء”.
اعتبر كثيرون أن حملة “التحرش بالمتحرشين” هي رد فعل عنيف على التحرش الجنسي. فالحملة هي عبارة عن مجموعة من المتطوعين –أغلبهم من الذكور-ينتشرون في شوارع القاهرة للتصدي للمتحرشين عن طريقة كتابة كلمة “متحرش” على ملابس المتحرشين. يقول شادي أبو زيد، أحد منسقي هذه المبادرة، إن المتطوعين يلجأون لطريقة الوصم المجتمعي لردع المتحرشين، إلا أن هذه الطريقة غير مأمونة العواقب في أحيان كثيرة، ويضيف: “في كثير من الأحيان نتعرض للضرب من قبل المتحرشين، منذ أن عملنا في المبادرة في الأعياد من 2012 وواحد على الأقل من أعضاء المجموعة يتعرض لإصابات جسدية جسيمة.”
وبالرغم من الانتصار الذي حققته مي الشامي بسجن أحد المتحرشين بها، فإنها تعيش في قلق دائم من احتمال خروج هذا المتحرش ليحاول الانتقام منها بعد انقضاء فترة عقوبته، هذا بجانب محاولاتها اليومية للتعايش مع تجارب التحرش المتكررة.
بالنسبة لها، أصبح العنف هو سبيل التعايش الوحيد: “لا يمر يوم من دون أن أضرب أحد المتحرشين. بالأمس علق أحدهم على جزء حساس بجسدي فصفعته، هكذا بنفس البساطة التي تحرش بي من خلالها”.
بالنسبة لخورشيد، فإن شيئا أكثر أهمية من المال قد سُرق، “كل ما تخيله السائق أن أموالي سُرقت، وحينما أخبرته أنه تحرش بي لم يهتم. حتى عندما رأيت المتحرش مرة أخرى وأوقفت التاكسي وصرخت للحاق به، لم يحرك أحد ساكنا. اعتقد الكل أنني سُرقت، وانصرفوا عني حينما عرفوا أن هذا الشخص تحرش بي. إحساسي بالأمان هو ما سُرق إما من متحرش أو مجتمع متواطئ مع التحرش”.
كشفت دراسة أجرتها “هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة” في العام 2013، أن 99.3% من النساء في مصر تعرضن لتحرش جنسي بشكل من الأشكال. وكانت أحداث العنف الجنسي ضد المتظاهرات بميدان التحرير في السنوات الأخيرة أبرز العلامات الصادمة على ارتفاع معدلات العنف الجنسي في مصر. فقد شهد ميدان التحرير-مركز الاحتجاجات الحاشدة التي اندلعت في البلاد في السنوات الأخيرة-حالات تحرش جماعي ضد المتظاهرات، تطورت في أحيان كثيرة لحالات اغتصاب كاملة في قلب الميدان، بالإضافة لتعرض ضحايا التحرش في أحيان كثيرة لإصابات جسيمة بالآت الحادة.
كانت أشهر هذه الحالات هي حادثة اغتصاب إحدى الفتيات بميدان التحرير في الثامن من حزيران/ يونيو عام 2014 إبان احتفالات تنصيب الرئيس المصري الجديد آنذاك عبد الفتاح السيسي. وأدى نشر فيديو للحادثة لموجة غضب عارمة. طبقا لتقرير أصدرته منظمات حقوقية مصرية، فقد شهد هذا اليوم على الأقل تسعة حالات تحرش وعنف جنسي باستخدام الآلات الحادة.
في هذا الصدد يقول مصطفى محمود، المحامي بمركز “نظرة للدراسات النسوية“، وهي منظمة حقوقية تتخذ من القاهرة مقرا لها، إن أحداث 8 حزيران/ يونيو مثلت صدمة كبرى للمجتمع المصري، مضيفا: “ما لا يعرفه أحد أن هذا هو الحال منذ بدء الثورة [25 كانون الثاني/ يناير 2011] وكنا دوما ما نُتهم بالمبالغة. هذه الحوادث لا تقع فقط في ميدان التحرير، ولكن في كل المواقف التي تخرج فيها النساء للمجال العام”.
دوائر العنف المفرغة
يربط محمود بين موجة الاضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد وحالة العنف المجتمعي المصاحبة وبين تزايد معدلات العنف الجنسي ضد النساء، ويستدرك: “في كثير من الأحيان يتم إلقاء مواد كاوية على أجساد النساء باعتبارهن “فتنة”، هذه مستويات من العنف الجنسي لم نشهدها من قبل”.
كانت الصحفية مي الشامي أكثر حظا من خورشيد، فقد استطاعت الشامي أن ترسل شخصا تحرش بها العام الماضي إلى السجن، حيث يقضي عقوبة السجن لسنتين. تقول الشامي إنها أصبحت تعيش تجارب تحرش جنسي لفظي وجسدي بشكل يومي تقريبا، “أصبح التحرش لفظيا فرصة لأشكر الله أن أحدا لم يلمس جسدي هذا اليوم. أصبحت أخاف من التحرشات الجسدية التي تحدث بسهولة بشكل متكرر يوميا”.
آخر حادثة تحرش جسدي تعرضت لها الشامي كانت وسط زحام مترو الأنفاق، تضيف الشامي “أخاف أن يلمسني أحد، أخاف أن يُلقي على ماء نار [حمض النتريك] إذا ما حاولت الدفاع عن نفسي، أصبحت دوائر العنف السياسي والمجتمعي المحيطة بنا أقرب لنا حينما يتأثر هؤلاء فيفرغون طاقات عنفهم وساديتهم في أجسادنا”.
في حزيران/ يونيو 2014، وقبل ثلاثة أيام من أحداث التحرش الدامية بميدان التحرير، أصدر الرئيس المصري المؤقت السابق عدلي منصور قرارا بتعديل المادة 307 من قانون العقوبات الخاص بالتحرش الجنسي. وقضت التعديلات بتوقيع عقوبات حبس تتراوح ما بين ستة أشهر وخمس سنوات ضد من يثبت قيامه بالتحرش. وبينما يُعتبر هذا القانون خطوة هامة وغير مسبوقة لتجريم التحرش، تطالب منظمات نسوية بالعمل الجاد على تنفيذ بنود التعديلات الجديدة.
قمع النساء لكسر الرجال
لا تقتصر فداحة أحداث العنف الجنسي ضد النساء في المجال العام في العاصمة فقط، ذلك لأنه يمتد حتى أقاصي الصعيد [جنوب مصر] ، حيث المجتمعات القبلية المعروفة بخضوعها لمنظومة أعراف وتقاليد صارمة تحد –نظريا-من امتهان النساء. المديرة التنفيذية لجمعية “جنوبية حرة” النسوية بجنوب الصعيد آيات عثمان تروي واقعا مغايرا.
في نيسان/ أبريل من عام 2014 اندلعت اشتباكات قبلية عنيفة بين قبيلتي الدابودية النوبية والهلايل بمحافظة أسوان، سقط على إثرها نحو 23 شخصا من الطرفين. تقول عثمان إن الاعتداءات على النساء كانت واضحة في هذه الاشتباكات. وطبقا لبحث أجرته “جنوبية حرة” وقتها، ولم يتسن نشره لاعتبارات أمنية، فإن الاشتباكات اندلعت بالأساس لنشوء علاقة بين شاب وفتاة من القبيلتين. وتشرح عثمان: “أثناء الاشتباكات، جرى الاعتداء على النساء من الطرفين كمحاولة لكسر الرجال، كانت تلك الحادثة غير مسبوقة في الصعيد. في أعنف الاشتباكات القبلية لا يتعرض أحد للنساء. مع الانفلات الأمني الحادث بسبب الاضطرابات السياسية في البلاد سارعت القبائل لشراء السلاح، ومنهم النوبيون الذين لم يعتادوا رفع السلاح. انهارت الأعراف القبلية فغاب الرادع الأخلاقي فكانت النساء أولى ضحايا هذا العنف”.
تقول عثمان إن بداية عمل “جنوبية حرة” كانت عن العنف الجنسي في الصعيد وحالة الإنكار المجتمعي المتفشية في المجتمعات الجنوبية لأي اعتداءات ضد النساء. وتقول: “لم تعد الأعراف والتقاليد هي الحاكمة، التحرش والعنف الجنسي متفشي في الصعيد مثلما هو متفشي في القاهرة”.
لا يحتكر المجال العام وحده العنف الجنسي، فإذا كانت النساء أكثر شجاعة في مواجهة التحرش الجنسي بالشارع في الفترة الأخيرة، فإن العنف الجنسي الأسري هو المسكوت عنه. الأختصاصية النفسية بوحدة الاستماع والارشاد النفسي بمؤسسة “قضايا المرأة المصرية” منى فتحي تروي قصصا مؤلمة عن العنف الجنسي بين الأزواج. ففي المؤسسة الواقعة في قلب حي بولاق الدكرور الشعبي، تقول فتحي إن نساء المنطقة اللاتي شاركنها قصصهن يعايشن يوميا عنفا جنسيا من أزواجهن بشكل غير مسبوق. وتذكر فتحي أمثلة قائلة: “بين تلك الطبقات الأكثر فقرا، يلجأ بعض الرجال إلى ضرب زوجاتهن أثناء ممارسة الجنس وفي بعض الأحيان يتم إجبار الزوجات على ممارسات جنسية لا يرغبن فيها. مع ارتفاع نسب مشاهدة الأفلام الإباحية بين بعض الأزواج في الطبقات الفقيرة وتعاطي المخدرات وإدمان أدوية خطرة مثل الترامادول، تمر النساء بخبرات مروعة من العنف الجنسي بشكل شبه يومي”.
حياة انهزامية
وتقول فتحي إن طريقة تعايش النساء مع هذه الخبرات هي طرق انهزامية للغاية، فهن يستسلمن تماما لأوضاعهن خاصة إذا كن ينتمين للطبقات الفقيرة التي لا يمكن معها تحمل رفاهية الطلاق والانفصال عن الزوج الذي هو المصدر الوحيد للإنفاق عليهن. بالنسبة لتلك النسوة فإن تعبير “أنا متضايقة” هو الطبيعي، لإن كل من تتعرضن لمثل هذه التجارب المؤلمة ترين نساء أخريات يعانين بالطريقة نفسها ويستسلمن لآلامهن. وتضيف فتحي: “لم تتأثر الطبقات الأكثر فقرا بأي من التغيرات السياسية الحادثة في البلاد، فهذه الطبقات منعزلة عما يحدث في الخارج. يتأثر هؤلاء فقط سلبا، فمع الاضطرابات السياسية، ترتفع معدلات الفقر، ومعها يزداد العنف، وتدفع النساء فاتورة هذا العنف”.
بالنسبة لخورشيد، فكل ما تفكر فيه للتعايش مع ما عانته من التحرش هو أن تستعد بكامل قواها لتجربة التحرش القادمة: “قررت أن ارتدي ملابس مريحة حتى يمكنني ملاحقة أي متحرش، لن أرتدي أحذية نسائية ذات كعب عالي، سأرتدي أحذية مريحة تساعدني على التحرك بحرية. فكرت في أن أحمل شيئا للدفاع عن النفس، ثم قررت أنني حينما أواجه المتحرش القادم ستكفيني يدي فقط”.
يقول محمود إن محاولات التعايش مع التحرش تؤدي في الغالب لتغييب المرأة عن المجال العام، حيث تقل المساحات العامة وتضع النساء لأنفسهن خططا معينة للخروج في أوقات وأماكن معينة. ويضيف: “تعايش النساء مع التحرش ينتج في الغالب نساء معبآت نفسيا وحانقات على المجتمع وهذا يؤثر سلبا على انتاجيتهن، وبالتالي يتحمل المجتمع بأكمله فاتورة العنف الجنسي ضد النساء”.
اعتبر كثيرون أن حملة “التحرش بالمتحرشين” هي رد فعل عنيف على التحرش الجنسي. فالحملة هي عبارة عن مجموعة من المتطوعين –أغلبهم من الذكور-ينتشرون في شوارع القاهرة للتصدي للمتحرشين عن طريقة كتابة كلمة “متحرش” على ملابس المتحرشين. يقول شادي أبو زيد، أحد منسقي هذه المبادرة، إن المتطوعين يلجأون لطريقة الوصم المجتمعي لردع المتحرشين، إلا أن هذه الطريقة غير مأمونة العواقب في أحيان كثيرة، ويضيف: “في كثير من الأحيان نتعرض للضرب من قبل المتحرشين، منذ أن عملنا في المبادرة في الأعياد من 2012 وواحد على الأقل من أعضاء المجموعة يتعرض لإصابات جسدية جسيمة.”
وبالرغم من الانتصار الذي حققته مي الشامي بسجن أحد المتحرشين بها، فإنها تعيش في قلق دائم من احتمال خروج هذا المتحرش ليحاول الانتقام منها بعد انقضاء فترة عقوبته، هذا بجانب محاولاتها اليومية للتعايش مع تجارب التحرش المتكررة.
بالنسبة لها، أصبح العنف هو سبيل التعايش الوحيد: “لا يمر يوم من دون أن أضرب أحد المتحرشين. بالأمس علق أحدهم على جزء حساس بجسدي فصفعته، هكذا بنفس البساطة التي تحرش بي من خلالها”.
كانت أشهر هذه الحالات هي حادثة اغتصاب إحدى الفتيات بميدان التحرير في الثامن من حزيران/ يونيو عام 2014 إبان احتفالات تنصيب الرئيس المصري الجديد آنذاك عبد الفتاح السيسي. وأدى نشر فيديو للحادثة لموجة غضب عارمة. طبقا لتقرير أصدرته منظمات حقوقية مصرية، فقد شهد هذا اليوم على الأقل تسعة حالات تحرش وعنف جنسي باستخدام الآلات الحادة.
في هذا الصدد يقول مصطفى محمود، المحامي بمركز “نظرة للدراسات النسوية“، وهي منظمة حقوقية تتخذ من القاهرة مقرا لها، إن أحداث 8 حزيران/ يونيو مثلت صدمة كبرى للمجتمع المصري، مضيفا: “ما لا يعرفه أحد أن هذا هو الحال منذ بدء الثورة [25 كانون الثاني/ يناير 2011] وكنا دوما ما نُتهم بالمبالغة. هذه الحوادث لا تقع فقط في ميدان التحرير، ولكن في كل المواقف التي تخرج فيها النساء للمجال العام”.
دوائر العنف المفرغة
يربط محمود بين موجة الاضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد وحالة العنف المجتمعي المصاحبة وبين تزايد معدلات العنف الجنسي ضد النساء، ويستدرك: “في كثير من الأحيان يتم إلقاء مواد كاوية على أجساد النساء باعتبارهن “فتنة”، هذه مستويات من العنف الجنسي لم نشهدها من قبل”.
كانت الصحفية مي الشامي أكثر حظا من خورشيد، فقد استطاعت الشامي أن ترسل شخصا تحرش بها العام الماضي إلى السجن، حيث يقضي عقوبة السجن لسنتين. تقول الشامي إنها أصبحت تعيش تجارب تحرش جنسي لفظي وجسدي بشكل يومي تقريبا، “أصبح التحرش لفظيا فرصة لأشكر الله أن أحدا لم يلمس جسدي هذا اليوم. أصبحت أخاف من التحرشات الجسدية التي تحدث بسهولة بشكل متكرر يوميا”.
آخر حادثة تحرش جسدي تعرضت لها الشامي كانت وسط زحام مترو الأنفاق، تضيف الشامي “أخاف أن يلمسني أحد، أخاف أن يُلقي على ماء نار [حمض النتريك] إذا ما حاولت الدفاع عن نفسي، أصبحت دوائر العنف السياسي والمجتمعي المحيطة بنا أقرب لنا حينما يتأثر هؤلاء فيفرغون طاقات عنفهم وساديتهم في أجسادنا”.
في حزيران/ يونيو 2014، وقبل ثلاثة أيام من أحداث التحرش الدامية بميدان التحرير، أصدر الرئيس المصري المؤقت السابق عدلي منصور قرارا بتعديل المادة 307 من قانون العقوبات الخاص بالتحرش الجنسي. وقضت التعديلات بتوقيع عقوبات حبس تتراوح ما بين ستة أشهر وخمس سنوات ضد من يثبت قيامه بالتحرش. وبينما يُعتبر هذا القانون خطوة هامة وغير مسبوقة لتجريم التحرش، تطالب منظمات نسوية بالعمل الجاد على تنفيذ بنود التعديلات الجديدة.
قمع النساء لكسر الرجال
لا تقتصر فداحة أحداث العنف الجنسي ضد النساء في المجال العام في العاصمة فقط، ذلك لأنه يمتد حتى أقاصي الصعيد [جنوب مصر] ، حيث المجتمعات القبلية المعروفة بخضوعها لمنظومة أعراف وتقاليد صارمة تحد –نظريا-من امتهان النساء. المديرة التنفيذية لجمعية “جنوبية حرة” النسوية بجنوب الصعيد آيات عثمان تروي واقعا مغايرا.
في نيسان/ أبريل من عام 2014 اندلعت اشتباكات قبلية عنيفة بين قبيلتي الدابودية النوبية والهلايل بمحافظة أسوان، سقط على إثرها نحو 23 شخصا من الطرفين. تقول عثمان إن الاعتداءات على النساء كانت واضحة في هذه الاشتباكات. وطبقا لبحث أجرته “جنوبية حرة” وقتها، ولم يتسن نشره لاعتبارات أمنية، فإن الاشتباكات اندلعت بالأساس لنشوء علاقة بين شاب وفتاة من القبيلتين. وتشرح عثمان: “أثناء الاشتباكات، جرى الاعتداء على النساء من الطرفين كمحاولة لكسر الرجال، كانت تلك الحادثة غير مسبوقة في الصعيد. في أعنف الاشتباكات القبلية لا يتعرض أحد للنساء. مع الانفلات الأمني الحادث بسبب الاضطرابات السياسية في البلاد سارعت القبائل لشراء السلاح، ومنهم النوبيون الذين لم يعتادوا رفع السلاح. انهارت الأعراف القبلية فغاب الرادع الأخلاقي فكانت النساء أولى ضحايا هذا العنف”.
تقول عثمان إن بداية عمل “جنوبية حرة” كانت عن العنف الجنسي في الصعيد وحالة الإنكار المجتمعي المتفشية في المجتمعات الجنوبية لأي اعتداءات ضد النساء. وتقول: “لم تعد الأعراف والتقاليد هي الحاكمة، التحرش والعنف الجنسي متفشي في الصعيد مثلما هو متفشي في القاهرة”.
لا يحتكر المجال العام وحده العنف الجنسي، فإذا كانت النساء أكثر شجاعة في مواجهة التحرش الجنسي بالشارع في الفترة الأخيرة، فإن العنف الجنسي الأسري هو المسكوت عنه. الأختصاصية النفسية بوحدة الاستماع والارشاد النفسي بمؤسسة “قضايا المرأة المصرية” منى فتحي تروي قصصا مؤلمة عن العنف الجنسي بين الأزواج. ففي المؤسسة الواقعة في قلب حي بولاق الدكرور الشعبي، تقول فتحي إن نساء المنطقة اللاتي شاركنها قصصهن يعايشن يوميا عنفا جنسيا من أزواجهن بشكل غير مسبوق. وتذكر فتحي أمثلة قائلة: “بين تلك الطبقات الأكثر فقرا، يلجأ بعض الرجال إلى ضرب زوجاتهن أثناء ممارسة الجنس وفي بعض الأحيان يتم إجبار الزوجات على ممارسات جنسية لا يرغبن فيها. مع ارتفاع نسب مشاهدة الأفلام الإباحية بين بعض الأزواج في الطبقات الفقيرة وتعاطي المخدرات وإدمان أدوية خطرة مثل الترامادول، تمر النساء بخبرات مروعة من العنف الجنسي بشكل شبه يومي”.
حياة انهزامية
وتقول فتحي إن طريقة تعايش النساء مع هذه الخبرات هي طرق انهزامية للغاية، فهن يستسلمن تماما لأوضاعهن خاصة إذا كن ينتمين للطبقات الفقيرة التي لا يمكن معها تحمل رفاهية الطلاق والانفصال عن الزوج الذي هو المصدر الوحيد للإنفاق عليهن. بالنسبة لتلك النسوة فإن تعبير “أنا متضايقة” هو الطبيعي، لإن كل من تتعرضن لمثل هذه التجارب المؤلمة ترين نساء أخريات يعانين بالطريقة نفسها ويستسلمن لآلامهن. وتضيف فتحي: “لم تتأثر الطبقات الأكثر فقرا بأي من التغيرات السياسية الحادثة في البلاد، فهذه الطبقات منعزلة عما يحدث في الخارج. يتأثر هؤلاء فقط سلبا، فمع الاضطرابات السياسية، ترتفع معدلات الفقر، ومعها يزداد العنف، وتدفع النساء فاتورة هذا العنف”.
بالنسبة لخورشيد، فكل ما تفكر فيه للتعايش مع ما عانته من التحرش هو أن تستعد بكامل قواها لتجربة التحرش القادمة: “قررت أن ارتدي ملابس مريحة حتى يمكنني ملاحقة أي متحرش، لن أرتدي أحذية نسائية ذات كعب عالي، سأرتدي أحذية مريحة تساعدني على التحرك بحرية. فكرت في أن أحمل شيئا للدفاع عن النفس، ثم قررت أنني حينما أواجه المتحرش القادم ستكفيني يدي فقط”.
يقول محمود إن محاولات التعايش مع التحرش تؤدي في الغالب لتغييب المرأة عن المجال العام، حيث تقل المساحات العامة وتضع النساء لأنفسهن خططا معينة للخروج في أوقات وأماكن معينة. ويضيف: “تعايش النساء مع التحرش ينتج في الغالب نساء معبآت نفسيا وحانقات على المجتمع وهذا يؤثر سلبا على انتاجيتهن، وبالتالي يتحمل المجتمع بأكمله فاتورة العنف الجنسي ضد النساء”.
اعتبر كثيرون أن حملة “التحرش بالمتحرشين” هي رد فعل عنيف على التحرش الجنسي. فالحملة هي عبارة عن مجموعة من المتطوعين –أغلبهم من الذكور-ينتشرون في شوارع القاهرة للتصدي للمتحرشين عن طريقة كتابة كلمة “متحرش” على ملابس المتحرشين. يقول شادي أبو زيد، أحد منسقي هذه المبادرة، إن المتطوعين يلجأون لطريقة الوصم المجتمعي لردع المتحرشين، إلا أن هذه الطريقة غير مأمونة العواقب في أحيان كثيرة، ويضيف: “في كثير من الأحيان نتعرض للضرب من قبل المتحرشين، منذ أن عملنا في المبادرة في الأعياد من 2012 وواحد على الأقل من أعضاء المجموعة يتعرض لإصابات جسدية جسيمة.”
وبالرغم من الانتصار الذي حققته مي الشامي بسجن أحد المتحرشين بها، فإنها تعيش في قلق دائم من احتمال خروج هذا المتحرش ليحاول الانتقام منها بعد انقضاء فترة عقوبته، هذا بجانب محاولاتها اليومية للتعايش مع تجارب التحرش المتكررة.
بالنسبة لها، أصبح العنف هو سبيل التعايش الوحيد: “لا يمر يوم من دون أن أضرب أحد المتحرشين. بالأمس علق أحدهم على جزء حساس بجسدي فصفعته، هكذا بنفس البساطة التي تحرش بي من خلالها”.
دوائر العنف المفرغة
يربط محمود بين موجة الاضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد وحالة العنف المجتمعي المصاحبة وبين تزايد معدلات العنف الجنسي ضد النساء، ويستدرك: “في كثير من الأحيان يتم إلقاء مواد كاوية على أجساد النساء باعتبارهن “فتنة”، هذه مستويات من العنف الجنسي لم نشهدها من قبل”.
كانت الصحفية مي الشامي أكثر حظا من خورشيد، فقد استطاعت الشامي أن ترسل شخصا تحرش بها العام الماضي إلى السجن، حيث يقضي عقوبة السجن لسنتين. تقول الشامي إنها أصبحت تعيش تجارب تحرش جنسي لفظي وجسدي بشكل يومي تقريبا، “أصبح التحرش لفظيا فرصة لأشكر الله أن أحدا لم يلمس جسدي هذا اليوم. أصبحت أخاف من التحرشات الجسدية التي تحدث بسهولة بشكل متكرر يوميا”.
آخر حادثة تحرش جسدي تعرضت لها الشامي كانت وسط زحام مترو الأنفاق، تضيف الشامي “أخاف أن يلمسني أحد، أخاف أن يُلقي على ماء نار [حمض النتريك] إذا ما حاولت الدفاع عن نفسي، أصبحت دوائر العنف السياسي والمجتمعي المحيطة بنا أقرب لنا حينما يتأثر هؤلاء فيفرغون طاقات عنفهم وساديتهم في أجسادنا”.
في حزيران/ يونيو 2014، وقبل ثلاثة أيام من أحداث التحرش الدامية بميدان التحرير، أصدر الرئيس المصري المؤقت السابق عدلي منصور قرارا بتعديل المادة 307 من قانون العقوبات الخاص بالتحرش الجنسي. وقضت التعديلات بتوقيع عقوبات حبس تتراوح ما بين ستة أشهر وخمس سنوات ضد من يثبت قيامه بالتحرش. وبينما يُعتبر هذا القانون خطوة هامة وغير مسبوقة لتجريم التحرش، تطالب منظمات نسوية بالعمل الجاد على تنفيذ بنود التعديلات الجديدة.
قمع النساء لكسر الرجال
لا تقتصر فداحة أحداث العنف الجنسي ضد النساء في المجال العام في العاصمة فقط، ذلك لأنه يمتد حتى أقاصي الصعيد [جنوب مصر] ، حيث المجتمعات القبلية المعروفة بخضوعها لمنظومة أعراف وتقاليد صارمة تحد –نظريا-من امتهان النساء. المديرة التنفيذية لجمعية “جنوبية حرة” النسوية بجنوب الصعيد آيات عثمان تروي واقعا مغايرا.
في نيسان/ أبريل من عام 2014 اندلعت اشتباكات قبلية عنيفة بين قبيلتي الدابودية النوبية والهلايل بمحافظة أسوان، سقط على إثرها نحو 23 شخصا من الطرفين. تقول عثمان إن الاعتداءات على النساء كانت واضحة في هذه الاشتباكات. وطبقا لبحث أجرته “جنوبية حرة” وقتها، ولم يتسن نشره لاعتبارات أمنية، فإن الاشتباكات اندلعت بالأساس لنشوء علاقة بين شاب وفتاة من القبيلتين. وتشرح عثمان: “أثناء الاشتباكات، جرى الاعتداء على النساء من الطرفين كمحاولة لكسر الرجال، كانت تلك الحادثة غير مسبوقة في الصعيد. في أعنف الاشتباكات القبلية لا يتعرض أحد للنساء. مع الانفلات الأمني الحادث بسبب الاضطرابات السياسية في البلاد سارعت القبائل لشراء السلاح، ومنهم النوبيون الذين لم يعتادوا رفع السلاح. انهارت الأعراف القبلية فغاب الرادع الأخلاقي فكانت النساء أولى ضحايا هذا العنف”.
تقول عثمان إن بداية عمل “جنوبية حرة” كانت عن العنف الجنسي في الصعيد وحالة الإنكار المجتمعي المتفشية في المجتمعات الجنوبية لأي اعتداءات ضد النساء. وتقول: “لم تعد الأعراف والتقاليد هي الحاكمة، التحرش والعنف الجنسي متفشي في الصعيد مثلما هو متفشي في القاهرة”.
لا يحتكر المجال العام وحده العنف الجنسي، فإذا كانت النساء أكثر شجاعة في مواجهة التحرش الجنسي بالشارع في الفترة الأخيرة، فإن العنف الجنسي الأسري هو المسكوت عنه. الأختصاصية النفسية بوحدة الاستماع والارشاد النفسي بمؤسسة “قضايا المرأة المصرية” منى فتحي تروي قصصا مؤلمة عن العنف الجنسي بين الأزواج. ففي المؤسسة الواقعة في قلب حي بولاق الدكرور الشعبي، تقول فتحي إن نساء المنطقة اللاتي شاركنها قصصهن يعايشن يوميا عنفا جنسيا من أزواجهن بشكل غير مسبوق. وتذكر فتحي أمثلة قائلة: “بين تلك الطبقات الأكثر فقرا، يلجأ بعض الرجال إلى ضرب زوجاتهن أثناء ممارسة الجنس وفي بعض الأحيان يتم إجبار الزوجات على ممارسات جنسية لا يرغبن فيها. مع ارتفاع نسب مشاهدة الأفلام الإباحية بين بعض الأزواج في الطبقات الفقيرة وتعاطي المخدرات وإدمان أدوية خطرة مثل الترامادول، تمر النساء بخبرات مروعة من العنف الجنسي بشكل شبه يومي”.
حياة انهزامية
وتقول فتحي إن طريقة تعايش النساء مع هذه الخبرات هي طرق انهزامية للغاية، فهن يستسلمن تماما لأوضاعهن خاصة إذا كن ينتمين للطبقات الفقيرة التي لا يمكن معها تحمل رفاهية الطلاق والانفصال عن الزوج الذي هو المصدر الوحيد للإنفاق عليهن. بالنسبة لتلك النسوة فإن تعبير “أنا متضايقة” هو الطبيعي، لإن كل من تتعرضن لمثل هذه التجارب المؤلمة ترين نساء أخريات يعانين بالطريقة نفسها ويستسلمن لآلامهن. وتضيف فتحي: “لم تتأثر الطبقات الأكثر فقرا بأي من التغيرات السياسية الحادثة في البلاد، فهذه الطبقات منعزلة عما يحدث في الخارج. يتأثر هؤلاء فقط سلبا، فمع الاضطرابات السياسية، ترتفع معدلات الفقر، ومعها يزداد العنف، وتدفع النساء فاتورة هذا العنف”.
بالنسبة لخورشيد، فكل ما تفكر فيه للتعايش مع ما عانته من التحرش هو أن تستعد بكامل قواها لتجربة التحرش القادمة: “قررت أن ارتدي ملابس مريحة حتى يمكنني ملاحقة أي متحرش، لن أرتدي أحذية نسائية ذات كعب عالي، سأرتدي أحذية مريحة تساعدني على التحرك بحرية. فكرت في أن أحمل شيئا للدفاع عن النفس، ثم قررت أنني حينما أواجه المتحرش القادم ستكفيني يدي فقط”.
يقول محمود إن محاولات التعايش مع التحرش تؤدي في الغالب لتغييب المرأة عن المجال العام، حيث تقل المساحات العامة وتضع النساء لأنفسهن خططا معينة للخروج في أوقات وأماكن معينة. ويضيف: “تعايش النساء مع التحرش ينتج في الغالب نساء معبآت نفسيا وحانقات على المجتمع وهذا يؤثر سلبا على انتاجيتهن، وبالتالي يتحمل المجتمع بأكمله فاتورة العنف الجنسي ضد النساء”.
اعتبر كثيرون أن حملة “التحرش بالمتحرشين” هي رد فعل عنيف على التحرش الجنسي. فالحملة هي عبارة عن مجموعة من المتطوعين –أغلبهم من الذكور-ينتشرون في شوارع القاهرة للتصدي للمتحرشين عن طريقة كتابة كلمة “متحرش” على ملابس المتحرشين. يقول شادي أبو زيد، أحد منسقي هذه المبادرة، إن المتطوعين يلجأون لطريقة الوصم المجتمعي لردع المتحرشين، إلا أن هذه الطريقة غير مأمونة العواقب في أحيان كثيرة، ويضيف: “في كثير من الأحيان نتعرض للضرب من قبل المتحرشين، منذ أن عملنا في المبادرة في الأعياد من 2012 وواحد على الأقل من أعضاء المجموعة يتعرض لإصابات جسدية جسيمة.”
وبالرغم من الانتصار الذي حققته مي الشامي بسجن أحد المتحرشين بها، فإنها تعيش في قلق دائم من احتمال خروج هذا المتحرش ليحاول الانتقام منها بعد انقضاء فترة عقوبته، هذا بجانب محاولاتها اليومية للتعايش مع تجارب التحرش المتكررة.
بالنسبة لها، أصبح العنف هو سبيل التعايش الوحيد: “لا يمر يوم من دون أن أضرب أحد المتحرشين. بالأمس علق أحدهم على جزء حساس بجسدي فصفعته، هكذا بنفس البساطة التي تحرش بي من خلالها”.
كانت الصحفية مي الشامي أكثر حظا من خورشيد، فقد استطاعت الشامي أن ترسل شخصا تحرش بها العام الماضي إلى السجن، حيث يقضي عقوبة السجن لسنتين. تقول الشامي إنها أصبحت تعيش تجارب تحرش جنسي لفظي وجسدي بشكل يومي تقريبا، “أصبح التحرش لفظيا فرصة لأشكر الله أن أحدا لم يلمس جسدي هذا اليوم. أصبحت أخاف من التحرشات الجسدية التي تحدث بسهولة بشكل متكرر يوميا”.
آخر حادثة تحرش جسدي تعرضت لها الشامي كانت وسط زحام مترو الأنفاق، تضيف الشامي “أخاف أن يلمسني أحد، أخاف أن يُلقي على ماء نار [حمض النتريك] إذا ما حاولت الدفاع عن نفسي، أصبحت دوائر العنف السياسي والمجتمعي المحيطة بنا أقرب لنا حينما يتأثر هؤلاء فيفرغون طاقات عنفهم وساديتهم في أجسادنا”.
في حزيران/ يونيو 2014، وقبل ثلاثة أيام من أحداث التحرش الدامية بميدان التحرير، أصدر الرئيس المصري المؤقت السابق عدلي منصور قرارا بتعديل المادة 307 من قانون العقوبات الخاص بالتحرش الجنسي. وقضت التعديلات بتوقيع عقوبات حبس تتراوح ما بين ستة أشهر وخمس سنوات ضد من يثبت قيامه بالتحرش. وبينما يُعتبر هذا القانون خطوة هامة وغير مسبوقة لتجريم التحرش، تطالب منظمات نسوية بالعمل الجاد على تنفيذ بنود التعديلات الجديدة.
قمع النساء لكسر الرجال
لا تقتصر فداحة أحداث العنف الجنسي ضد النساء في المجال العام في العاصمة فقط، ذلك لأنه يمتد حتى أقاصي الصعيد [جنوب مصر] ، حيث المجتمعات القبلية المعروفة بخضوعها لمنظومة أعراف وتقاليد صارمة تحد –نظريا-من امتهان النساء. المديرة التنفيذية لجمعية “جنوبية حرة” النسوية بجنوب الصعيد آيات عثمان تروي واقعا مغايرا.
في نيسان/ أبريل من عام 2014 اندلعت اشتباكات قبلية عنيفة بين قبيلتي الدابودية النوبية والهلايل بمحافظة أسوان، سقط على إثرها نحو 23 شخصا من الطرفين. تقول عثمان إن الاعتداءات على النساء كانت واضحة في هذه الاشتباكات. وطبقا لبحث أجرته “جنوبية حرة” وقتها، ولم يتسن نشره لاعتبارات أمنية، فإن الاشتباكات اندلعت بالأساس لنشوء علاقة بين شاب وفتاة من القبيلتين. وتشرح عثمان: “أثناء الاشتباكات، جرى الاعتداء على النساء من الطرفين كمحاولة لكسر الرجال، كانت تلك الحادثة غير مسبوقة في الصعيد. في أعنف الاشتباكات القبلية لا يتعرض أحد للنساء. مع الانفلات الأمني الحادث بسبب الاضطرابات السياسية في البلاد سارعت القبائل لشراء السلاح، ومنهم النوبيون الذين لم يعتادوا رفع السلاح. انهارت الأعراف القبلية فغاب الرادع الأخلاقي فكانت النساء أولى ضحايا هذا العنف”.
تقول عثمان إن بداية عمل “جنوبية حرة” كانت عن العنف الجنسي في الصعيد وحالة الإنكار المجتمعي المتفشية في المجتمعات الجنوبية لأي اعتداءات ضد النساء. وتقول: “لم تعد الأعراف والتقاليد هي الحاكمة، التحرش والعنف الجنسي متفشي في الصعيد مثلما هو متفشي في القاهرة”.
لا يحتكر المجال العام وحده العنف الجنسي، فإذا كانت النساء أكثر شجاعة في مواجهة التحرش الجنسي بالشارع في الفترة الأخيرة، فإن العنف الجنسي الأسري هو المسكوت عنه. الأختصاصية النفسية بوحدة الاستماع والارشاد النفسي بمؤسسة “قضايا المرأة المصرية” منى فتحي تروي قصصا مؤلمة عن العنف الجنسي بين الأزواج. ففي المؤسسة الواقعة في قلب حي بولاق الدكرور الشعبي، تقول فتحي إن نساء المنطقة اللاتي شاركنها قصصهن يعايشن يوميا عنفا جنسيا من أزواجهن بشكل غير مسبوق. وتذكر فتحي أمثلة قائلة: “بين تلك الطبقات الأكثر فقرا، يلجأ بعض الرجال إلى ضرب زوجاتهن أثناء ممارسة الجنس وفي بعض الأحيان يتم إجبار الزوجات على ممارسات جنسية لا يرغبن فيها. مع ارتفاع نسب مشاهدة الأفلام الإباحية بين بعض الأزواج في الطبقات الفقيرة وتعاطي المخدرات وإدمان أدوية خطرة مثل الترامادول، تمر النساء بخبرات مروعة من العنف الجنسي بشكل شبه يومي”.
حياة انهزامية
وتقول فتحي إن طريقة تعايش النساء مع هذه الخبرات هي طرق انهزامية للغاية، فهن يستسلمن تماما لأوضاعهن خاصة إذا كن ينتمين للطبقات الفقيرة التي لا يمكن معها تحمل رفاهية الطلاق والانفصال عن الزوج الذي هو المصدر الوحيد للإنفاق عليهن. بالنسبة لتلك النسوة فإن تعبير “أنا متضايقة” هو الطبيعي، لإن كل من تتعرضن لمثل هذه التجارب المؤلمة ترين نساء أخريات يعانين بالطريقة نفسها ويستسلمن لآلامهن. وتضيف فتحي: “لم تتأثر الطبقات الأكثر فقرا بأي من التغيرات السياسية الحادثة في البلاد، فهذه الطبقات منعزلة عما يحدث في الخارج. يتأثر هؤلاء فقط سلبا، فمع الاضطرابات السياسية، ترتفع معدلات الفقر، ومعها يزداد العنف، وتدفع النساء فاتورة هذا العنف”.
بالنسبة لخورشيد، فكل ما تفكر فيه للتعايش مع ما عانته من التحرش هو أن تستعد بكامل قواها لتجربة التحرش القادمة: “قررت أن ارتدي ملابس مريحة حتى يمكنني ملاحقة أي متحرش، لن أرتدي أحذية نسائية ذات كعب عالي، سأرتدي أحذية مريحة تساعدني على التحرك بحرية. فكرت في أن أحمل شيئا للدفاع عن النفس، ثم قررت أنني حينما أواجه المتحرش القادم ستكفيني يدي فقط”.
يقول محمود إن محاولات التعايش مع التحرش تؤدي في الغالب لتغييب المرأة عن المجال العام، حيث تقل المساحات العامة وتضع النساء لأنفسهن خططا معينة للخروج في أوقات وأماكن معينة. ويضيف: “تعايش النساء مع التحرش ينتج في الغالب نساء معبآت نفسيا وحانقات على المجتمع وهذا يؤثر سلبا على انتاجيتهن، وبالتالي يتحمل المجتمع بأكمله فاتورة العنف الجنسي ضد النساء”.
اعتبر كثيرون أن حملة “التحرش بالمتحرشين” هي رد فعل عنيف على التحرش الجنسي. فالحملة هي عبارة عن مجموعة من المتطوعين –أغلبهم من الذكور-ينتشرون في شوارع القاهرة للتصدي للمتحرشين عن طريقة كتابة كلمة “متحرش” على ملابس المتحرشين. يقول شادي أبو زيد، أحد منسقي هذه المبادرة، إن المتطوعين يلجأون لطريقة الوصم المجتمعي لردع المتحرشين، إلا أن هذه الطريقة غير مأمونة العواقب في أحيان كثيرة، ويضيف: “في كثير من الأحيان نتعرض للضرب من قبل المتحرشين، منذ أن عملنا في المبادرة في الأعياد من 2012 وواحد على الأقل من أعضاء المجموعة يتعرض لإصابات جسدية جسيمة.”
وبالرغم من الانتصار الذي حققته مي الشامي بسجن أحد المتحرشين بها، فإنها تعيش في قلق دائم من احتمال خروج هذا المتحرش ليحاول الانتقام منها بعد انقضاء فترة عقوبته، هذا بجانب محاولاتها اليومية للتعايش مع تجارب التحرش المتكررة.
بالنسبة لها، أصبح العنف هو سبيل التعايش الوحيد: “لا يمر يوم من دون أن أضرب أحد المتحرشين. بالأمس علق أحدهم على جزء حساس بجسدي فصفعته، هكذا بنفس البساطة التي تحرش بي من خلالها”.
في حزيران/ يونيو 2014، وقبل ثلاثة أيام من أحداث التحرش الدامية بميدان التحرير، أصدر الرئيس المصري المؤقت السابق عدلي منصور قرارا بتعديل المادة 307 من قانون العقوبات الخاص بالتحرش الجنسي. وقضت التعديلات بتوقيع عقوبات حبس تتراوح ما بين ستة أشهر وخمس سنوات ضد من يثبت قيامه بالتحرش. وبينما يُعتبر هذا القانون خطوة هامة وغير مسبوقة لتجريم التحرش، تطالب منظمات نسوية بالعمل الجاد على تنفيذ بنود التعديلات الجديدة.
قمع النساء لكسر الرجال
لا تقتصر فداحة أحداث العنف الجنسي ضد النساء في المجال العام في العاصمة فقط، ذلك لأنه يمتد حتى أقاصي الصعيد [جنوب مصر] ، حيث المجتمعات القبلية المعروفة بخضوعها لمنظومة أعراف وتقاليد صارمة تحد –نظريا-من امتهان النساء. المديرة التنفيذية لجمعية “جنوبية حرة” النسوية بجنوب الصعيد آيات عثمان تروي واقعا مغايرا.
في نيسان/ أبريل من عام 2014 اندلعت اشتباكات قبلية عنيفة بين قبيلتي الدابودية النوبية والهلايل بمحافظة أسوان، سقط على إثرها نحو 23 شخصا من الطرفين. تقول عثمان إن الاعتداءات على النساء كانت واضحة في هذه الاشتباكات. وطبقا لبحث أجرته “جنوبية حرة” وقتها، ولم يتسن نشره لاعتبارات أمنية، فإن الاشتباكات اندلعت بالأساس لنشوء علاقة بين شاب وفتاة من القبيلتين. وتشرح عثمان: “أثناء الاشتباكات، جرى الاعتداء على النساء من الطرفين كمحاولة لكسر الرجال، كانت تلك الحادثة غير مسبوقة في الصعيد. في أعنف الاشتباكات القبلية لا يتعرض أحد للنساء. مع الانفلات الأمني الحادث بسبب الاضطرابات السياسية في البلاد سارعت القبائل لشراء السلاح، ومنهم النوبيون الذين لم يعتادوا رفع السلاح. انهارت الأعراف القبلية فغاب الرادع الأخلاقي فكانت النساء أولى ضحايا هذا العنف”.
تقول عثمان إن بداية عمل “جنوبية حرة” كانت عن العنف الجنسي في الصعيد وحالة الإنكار المجتمعي المتفشية في المجتمعات الجنوبية لأي اعتداءات ضد النساء. وتقول: “لم تعد الأعراف والتقاليد هي الحاكمة، التحرش والعنف الجنسي متفشي في الصعيد مثلما هو متفشي في القاهرة”.
لا يحتكر المجال العام وحده العنف الجنسي، فإذا كانت النساء أكثر شجاعة في مواجهة التحرش الجنسي بالشارع في الفترة الأخيرة، فإن العنف الجنسي الأسري هو المسكوت عنه. الأختصاصية النفسية بوحدة الاستماع والارشاد النفسي بمؤسسة “قضايا المرأة المصرية” منى فتحي تروي قصصا مؤلمة عن العنف الجنسي بين الأزواج. ففي المؤسسة الواقعة في قلب حي بولاق الدكرور الشعبي، تقول فتحي إن نساء المنطقة اللاتي شاركنها قصصهن يعايشن يوميا عنفا جنسيا من أزواجهن بشكل غير مسبوق. وتذكر فتحي أمثلة قائلة: “بين تلك الطبقات الأكثر فقرا، يلجأ بعض الرجال إلى ضرب زوجاتهن أثناء ممارسة الجنس وفي بعض الأحيان يتم إجبار الزوجات على ممارسات جنسية لا يرغبن فيها. مع ارتفاع نسب مشاهدة الأفلام الإباحية بين بعض الأزواج في الطبقات الفقيرة وتعاطي المخدرات وإدمان أدوية خطرة مثل الترامادول، تمر النساء بخبرات مروعة من العنف الجنسي بشكل شبه يومي”.
حياة انهزامية
وتقول فتحي إن طريقة تعايش النساء مع هذه الخبرات هي طرق انهزامية للغاية، فهن يستسلمن تماما لأوضاعهن خاصة إذا كن ينتمين للطبقات الفقيرة التي لا يمكن معها تحمل رفاهية الطلاق والانفصال عن الزوج الذي هو المصدر الوحيد للإنفاق عليهن. بالنسبة لتلك النسوة فإن تعبير “أنا متضايقة” هو الطبيعي، لإن كل من تتعرضن لمثل هذه التجارب المؤلمة ترين نساء أخريات يعانين بالطريقة نفسها ويستسلمن لآلامهن. وتضيف فتحي: “لم تتأثر الطبقات الأكثر فقرا بأي من التغيرات السياسية الحادثة في البلاد، فهذه الطبقات منعزلة عما يحدث في الخارج. يتأثر هؤلاء فقط سلبا، فمع الاضطرابات السياسية، ترتفع معدلات الفقر، ومعها يزداد العنف، وتدفع النساء فاتورة هذا العنف”.
بالنسبة لخورشيد، فكل ما تفكر فيه للتعايش مع ما عانته من التحرش هو أن تستعد بكامل قواها لتجربة التحرش القادمة: “قررت أن ارتدي ملابس مريحة حتى يمكنني ملاحقة أي متحرش، لن أرتدي أحذية نسائية ذات كعب عالي، سأرتدي أحذية مريحة تساعدني على التحرك بحرية. فكرت في أن أحمل شيئا للدفاع عن النفس، ثم قررت أنني حينما أواجه المتحرش القادم ستكفيني يدي فقط”.
يقول محمود إن محاولات التعايش مع التحرش تؤدي في الغالب لتغييب المرأة عن المجال العام، حيث تقل المساحات العامة وتضع النساء لأنفسهن خططا معينة للخروج في أوقات وأماكن معينة. ويضيف: “تعايش النساء مع التحرش ينتج في الغالب نساء معبآت نفسيا وحانقات على المجتمع وهذا يؤثر سلبا على انتاجيتهن، وبالتالي يتحمل المجتمع بأكمله فاتورة العنف الجنسي ضد النساء”.
اعتبر كثيرون أن حملة “التحرش بالمتحرشين” هي رد فعل عنيف على التحرش الجنسي. فالحملة هي عبارة عن مجموعة من المتطوعين –أغلبهم من الذكور-ينتشرون في شوارع القاهرة للتصدي للمتحرشين عن طريقة كتابة كلمة “متحرش” على ملابس المتحرشين. يقول شادي أبو زيد، أحد منسقي هذه المبادرة، إن المتطوعين يلجأون لطريقة الوصم المجتمعي لردع المتحرشين، إلا أن هذه الطريقة غير مأمونة العواقب في أحيان كثيرة، ويضيف: “في كثير من الأحيان نتعرض للضرب من قبل المتحرشين، منذ أن عملنا في المبادرة في الأعياد من 2012 وواحد على الأقل من أعضاء المجموعة يتعرض لإصابات جسدية جسيمة.”
وبالرغم من الانتصار الذي حققته مي الشامي بسجن أحد المتحرشين بها، فإنها تعيش في قلق دائم من احتمال خروج هذا المتحرش ليحاول الانتقام منها بعد انقضاء فترة عقوبته، هذا بجانب محاولاتها اليومية للتعايش مع تجارب التحرش المتكررة.
بالنسبة لها، أصبح العنف هو سبيل التعايش الوحيد: “لا يمر يوم من دون أن أضرب أحد المتحرشين. بالأمس علق أحدهم على جزء حساس بجسدي فصفعته، هكذا بنفس البساطة التي تحرش بي من خلالها”.
لا تقتصر فداحة أحداث العنف الجنسي ضد النساء في المجال العام في العاصمة فقط، ذلك لأنه يمتد حتى أقاصي الصعيد [جنوب مصر] ، حيث المجتمعات القبلية المعروفة بخضوعها لمنظومة أعراف وتقاليد صارمة تحد –نظريا-من امتهان النساء. المديرة التنفيذية لجمعية “جنوبية حرة” النسوية بجنوب الصعيد آيات عثمان تروي واقعا مغايرا.
في نيسان/ أبريل من عام 2014 اندلعت اشتباكات قبلية عنيفة بين قبيلتي الدابودية النوبية والهلايل بمحافظة أسوان، سقط على إثرها نحو 23 شخصا من الطرفين. تقول عثمان إن الاعتداءات على النساء كانت واضحة في هذه الاشتباكات. وطبقا لبحث أجرته “جنوبية حرة” وقتها، ولم يتسن نشره لاعتبارات أمنية، فإن الاشتباكات اندلعت بالأساس لنشوء علاقة بين شاب وفتاة من القبيلتين. وتشرح عثمان: “أثناء الاشتباكات، جرى الاعتداء على النساء من الطرفين كمحاولة لكسر الرجال، كانت تلك الحادثة غير مسبوقة في الصعيد. في أعنف الاشتباكات القبلية لا يتعرض أحد للنساء. مع الانفلات الأمني الحادث بسبب الاضطرابات السياسية في البلاد سارعت القبائل لشراء السلاح، ومنهم النوبيون الذين لم يعتادوا رفع السلاح. انهارت الأعراف القبلية فغاب الرادع الأخلاقي فكانت النساء أولى ضحايا هذا العنف”.
تقول عثمان إن بداية عمل “جنوبية حرة” كانت عن العنف الجنسي في الصعيد وحالة الإنكار المجتمعي المتفشية في المجتمعات الجنوبية لأي اعتداءات ضد النساء. وتقول: “لم تعد الأعراف والتقاليد هي الحاكمة، التحرش والعنف الجنسي متفشي في الصعيد مثلما هو متفشي في القاهرة”.
لا يحتكر المجال العام وحده العنف الجنسي، فإذا كانت النساء أكثر شجاعة في مواجهة التحرش الجنسي بالشارع في الفترة الأخيرة، فإن العنف الجنسي الأسري هو المسكوت عنه. الأختصاصية النفسية بوحدة الاستماع والارشاد النفسي بمؤسسة “قضايا المرأة المصرية” منى فتحي تروي قصصا مؤلمة عن العنف الجنسي بين الأزواج. ففي المؤسسة الواقعة في قلب حي بولاق الدكرور الشعبي، تقول فتحي إن نساء المنطقة اللاتي شاركنها قصصهن يعايشن يوميا عنفا جنسيا من أزواجهن بشكل غير مسبوق. وتذكر فتحي أمثلة قائلة: “بين تلك الطبقات الأكثر فقرا، يلجأ بعض الرجال إلى ضرب زوجاتهن أثناء ممارسة الجنس وفي بعض الأحيان يتم إجبار الزوجات على ممارسات جنسية لا يرغبن فيها. مع ارتفاع نسب مشاهدة الأفلام الإباحية بين بعض الأزواج في الطبقات الفقيرة وتعاطي المخدرات وإدمان أدوية خطرة مثل الترامادول، تمر النساء بخبرات مروعة من العنف الجنسي بشكل شبه يومي”.
حياة انهزامية
وتقول فتحي إن طريقة تعايش النساء مع هذه الخبرات هي طرق انهزامية للغاية، فهن يستسلمن تماما لأوضاعهن خاصة إذا كن ينتمين للطبقات الفقيرة التي لا يمكن معها تحمل رفاهية الطلاق والانفصال عن الزوج الذي هو المصدر الوحيد للإنفاق عليهن. بالنسبة لتلك النسوة فإن تعبير “أنا متضايقة” هو الطبيعي، لإن كل من تتعرضن لمثل هذه التجارب المؤلمة ترين نساء أخريات يعانين بالطريقة نفسها ويستسلمن لآلامهن. وتضيف فتحي: “لم تتأثر الطبقات الأكثر فقرا بأي من التغيرات السياسية الحادثة في البلاد، فهذه الطبقات منعزلة عما يحدث في الخارج. يتأثر هؤلاء فقط سلبا، فمع الاضطرابات السياسية، ترتفع معدلات الفقر، ومعها يزداد العنف، وتدفع النساء فاتورة هذا العنف”.
بالنسبة لخورشيد، فكل ما تفكر فيه للتعايش مع ما عانته من التحرش هو أن تستعد بكامل قواها لتجربة التحرش القادمة: “قررت أن ارتدي ملابس مريحة حتى يمكنني ملاحقة أي متحرش، لن أرتدي أحذية نسائية ذات كعب عالي، سأرتدي أحذية مريحة تساعدني على التحرك بحرية. فكرت في أن أحمل شيئا للدفاع عن النفس، ثم قررت أنني حينما أواجه المتحرش القادم ستكفيني يدي فقط”.
يقول محمود إن محاولات التعايش مع التحرش تؤدي في الغالب لتغييب المرأة عن المجال العام، حيث تقل المساحات العامة وتضع النساء لأنفسهن خططا معينة للخروج في أوقات وأماكن معينة. ويضيف: “تعايش النساء مع التحرش ينتج في الغالب نساء معبآت نفسيا وحانقات على المجتمع وهذا يؤثر سلبا على انتاجيتهن، وبالتالي يتحمل المجتمع بأكمله فاتورة العنف الجنسي ضد النساء”.
اعتبر كثيرون أن حملة “التحرش بالمتحرشين” هي رد فعل عنيف على التحرش الجنسي. فالحملة هي عبارة عن مجموعة من المتطوعين –أغلبهم من الذكور-ينتشرون في شوارع القاهرة للتصدي للمتحرشين عن طريقة كتابة كلمة “متحرش” على ملابس المتحرشين. يقول شادي أبو زيد، أحد منسقي هذه المبادرة، إن المتطوعين يلجأون لطريقة الوصم المجتمعي لردع المتحرشين، إلا أن هذه الطريقة غير مأمونة العواقب في أحيان كثيرة، ويضيف: “في كثير من الأحيان نتعرض للضرب من قبل المتحرشين، منذ أن عملنا في المبادرة في الأعياد من 2012 وواحد على الأقل من أعضاء المجموعة يتعرض لإصابات جسدية جسيمة.”
وبالرغم من الانتصار الذي حققته مي الشامي بسجن أحد المتحرشين بها، فإنها تعيش في قلق دائم من احتمال خروج هذا المتحرش ليحاول الانتقام منها بعد انقضاء فترة عقوبته، هذا بجانب محاولاتها اليومية للتعايش مع تجارب التحرش المتكررة.
بالنسبة لها، أصبح العنف هو سبيل التعايش الوحيد: “لا يمر يوم من دون أن أضرب أحد المتحرشين. بالأمس علق أحدهم على جزء حساس بجسدي فصفعته، هكذا بنفس البساطة التي تحرش بي من خلالها”.
تقول عثمان إن بداية عمل “جنوبية حرة” كانت عن العنف الجنسي في الصعيد وحالة الإنكار المجتمعي المتفشية في المجتمعات الجنوبية لأي اعتداءات ضد النساء. وتقول: “لم تعد الأعراف والتقاليد هي الحاكمة، التحرش والعنف الجنسي متفشي في الصعيد مثلما هو متفشي في القاهرة”.
لا يحتكر المجال العام وحده العنف الجنسي، فإذا كانت النساء أكثر شجاعة في مواجهة التحرش الجنسي بالشارع في الفترة الأخيرة، فإن العنف الجنسي الأسري هو المسكوت عنه. الأختصاصية النفسية بوحدة الاستماع والارشاد النفسي بمؤسسة “قضايا المرأة المصرية” منى فتحي تروي قصصا مؤلمة عن العنف الجنسي بين الأزواج. ففي المؤسسة الواقعة في قلب حي بولاق الدكرور الشعبي، تقول فتحي إن نساء المنطقة اللاتي شاركنها قصصهن يعايشن يوميا عنفا جنسيا من أزواجهن بشكل غير مسبوق. وتذكر فتحي أمثلة قائلة: “بين تلك الطبقات الأكثر فقرا، يلجأ بعض الرجال إلى ضرب زوجاتهن أثناء ممارسة الجنس وفي بعض الأحيان يتم إجبار الزوجات على ممارسات جنسية لا يرغبن فيها. مع ارتفاع نسب مشاهدة الأفلام الإباحية بين بعض الأزواج في الطبقات الفقيرة وتعاطي المخدرات وإدمان أدوية خطرة مثل الترامادول، تمر النساء بخبرات مروعة من العنف الجنسي بشكل شبه يومي”.
حياة انهزامية
وتقول فتحي إن طريقة تعايش النساء مع هذه الخبرات هي طرق انهزامية للغاية، فهن يستسلمن تماما لأوضاعهن خاصة إذا كن ينتمين للطبقات الفقيرة التي لا يمكن معها تحمل رفاهية الطلاق والانفصال عن الزوج الذي هو المصدر الوحيد للإنفاق عليهن. بالنسبة لتلك النسوة فإن تعبير “أنا متضايقة” هو الطبيعي، لإن كل من تتعرضن لمثل هذه التجارب المؤلمة ترين نساء أخريات يعانين بالطريقة نفسها ويستسلمن لآلامهن. وتضيف فتحي: “لم تتأثر الطبقات الأكثر فقرا بأي من التغيرات السياسية الحادثة في البلاد، فهذه الطبقات منعزلة عما يحدث في الخارج. يتأثر هؤلاء فقط سلبا، فمع الاضطرابات السياسية، ترتفع معدلات الفقر، ومعها يزداد العنف، وتدفع النساء فاتورة هذا العنف”.
بالنسبة لخورشيد، فكل ما تفكر فيه للتعايش مع ما عانته من التحرش هو أن تستعد بكامل قواها لتجربة التحرش القادمة: “قررت أن ارتدي ملابس مريحة حتى يمكنني ملاحقة أي متحرش، لن أرتدي أحذية نسائية ذات كعب عالي، سأرتدي أحذية مريحة تساعدني على التحرك بحرية. فكرت في أن أحمل شيئا للدفاع عن النفس، ثم قررت أنني حينما أواجه المتحرش القادم ستكفيني يدي فقط”.
يقول محمود إن محاولات التعايش مع التحرش تؤدي في الغالب لتغييب المرأة عن المجال العام، حيث تقل المساحات العامة وتضع النساء لأنفسهن خططا معينة للخروج في أوقات وأماكن معينة. ويضيف: “تعايش النساء مع التحرش ينتج في الغالب نساء معبآت نفسيا وحانقات على المجتمع وهذا يؤثر سلبا على انتاجيتهن، وبالتالي يتحمل المجتمع بأكمله فاتورة العنف الجنسي ضد النساء”.
اعتبر كثيرون أن حملة “التحرش بالمتحرشين” هي رد فعل عنيف على التحرش الجنسي. فالحملة هي عبارة عن مجموعة من المتطوعين –أغلبهم من الذكور-ينتشرون في شوارع القاهرة للتصدي للمتحرشين عن طريقة كتابة كلمة “متحرش” على ملابس المتحرشين. يقول شادي أبو زيد، أحد منسقي هذه المبادرة، إن المتطوعين يلجأون لطريقة الوصم المجتمعي لردع المتحرشين، إلا أن هذه الطريقة غير مأمونة العواقب في أحيان كثيرة، ويضيف: “في كثير من الأحيان نتعرض للضرب من قبل المتحرشين، منذ أن عملنا في المبادرة في الأعياد من 2012 وواحد على الأقل من أعضاء المجموعة يتعرض لإصابات جسدية جسيمة.”
وبالرغم من الانتصار الذي حققته مي الشامي بسجن أحد المتحرشين بها، فإنها تعيش في قلق دائم من احتمال خروج هذا المتحرش ليحاول الانتقام منها بعد انقضاء فترة عقوبته، هذا بجانب محاولاتها اليومية للتعايش مع تجارب التحرش المتكررة.
بالنسبة لها، أصبح العنف هو سبيل التعايش الوحيد: “لا يمر يوم من دون أن أضرب أحد المتحرشين. بالأمس علق أحدهم على جزء حساس بجسدي فصفعته، هكذا بنفس البساطة التي تحرش بي من خلالها”.
حياة انهزامية
وتقول فتحي إن طريقة تعايش النساء مع هذه الخبرات هي طرق انهزامية للغاية، فهن يستسلمن تماما لأوضاعهن خاصة إذا كن ينتمين للطبقات الفقيرة التي لا يمكن معها تحمل رفاهية الطلاق والانفصال عن الزوج الذي هو المصدر الوحيد للإنفاق عليهن. بالنسبة لتلك النسوة فإن تعبير “أنا متضايقة” هو الطبيعي، لإن كل من تتعرضن لمثل هذه التجارب المؤلمة ترين نساء أخريات يعانين بالطريقة نفسها ويستسلمن لآلامهن. وتضيف فتحي: “لم تتأثر الطبقات الأكثر فقرا بأي من التغيرات السياسية الحادثة في البلاد، فهذه الطبقات منعزلة عما يحدث في الخارج. يتأثر هؤلاء فقط سلبا، فمع الاضطرابات السياسية، ترتفع معدلات الفقر، ومعها يزداد العنف، وتدفع النساء فاتورة هذا العنف”.
بالنسبة لخورشيد، فكل ما تفكر فيه للتعايش مع ما عانته من التحرش هو أن تستعد بكامل قواها لتجربة التحرش القادمة: “قررت أن ارتدي ملابس مريحة حتى يمكنني ملاحقة أي متحرش، لن أرتدي أحذية نسائية ذات كعب عالي، سأرتدي أحذية مريحة تساعدني على التحرك بحرية. فكرت في أن أحمل شيئا للدفاع عن النفس، ثم قررت أنني حينما أواجه المتحرش القادم ستكفيني يدي فقط”.
يقول محمود إن محاولات التعايش مع التحرش تؤدي في الغالب لتغييب المرأة عن المجال العام، حيث تقل المساحات العامة وتضع النساء لأنفسهن خططا معينة للخروج في أوقات وأماكن معينة. ويضيف: “تعايش النساء مع التحرش ينتج في الغالب نساء معبآت نفسيا وحانقات على المجتمع وهذا يؤثر سلبا على انتاجيتهن، وبالتالي يتحمل المجتمع بأكمله فاتورة العنف الجنسي ضد النساء”.
اعتبر كثيرون أن حملة “التحرش بالمتحرشين” هي رد فعل عنيف على التحرش الجنسي. فالحملة هي عبارة عن مجموعة من المتطوعين –أغلبهم من الذكور-ينتشرون في شوارع القاهرة للتصدي للمتحرشين عن طريقة كتابة كلمة “متحرش” على ملابس المتحرشين. يقول شادي أبو زيد، أحد منسقي هذه المبادرة، إن المتطوعين يلجأون لطريقة الوصم المجتمعي لردع المتحرشين، إلا أن هذه الطريقة غير مأمونة العواقب في أحيان كثيرة، ويضيف: “في كثير من الأحيان نتعرض للضرب من قبل المتحرشين، منذ أن عملنا في المبادرة في الأعياد من 2012 وواحد على الأقل من أعضاء المجموعة يتعرض لإصابات جسدية جسيمة.”
وبالرغم من الانتصار الذي حققته مي الشامي بسجن أحد المتحرشين بها، فإنها تعيش في قلق دائم من احتمال خروج هذا المتحرش ليحاول الانتقام منها بعد انقضاء فترة عقوبته، هذا بجانب محاولاتها اليومية للتعايش مع تجارب التحرش المتكررة.
بالنسبة لها، أصبح العنف هو سبيل التعايش الوحيد: “لا يمر يوم من دون أن أضرب أحد المتحرشين. بالأمس علق أحدهم على جزء حساس بجسدي فصفعته، هكذا بنفس البساطة التي تحرش بي من خلالها”.
بالنسبة لخورشيد، فكل ما تفكر فيه للتعايش مع ما عانته من التحرش هو أن تستعد بكامل قواها لتجربة التحرش القادمة: “قررت أن ارتدي ملابس مريحة حتى يمكنني ملاحقة أي متحرش، لن أرتدي أحذية نسائية ذات كعب عالي، سأرتدي أحذية مريحة تساعدني على التحرك بحرية. فكرت في أن أحمل شيئا للدفاع عن النفس، ثم قررت أنني حينما أواجه المتحرش القادم ستكفيني يدي فقط”.
يقول محمود إن محاولات التعايش مع التحرش تؤدي في الغالب لتغييب المرأة عن المجال العام، حيث تقل المساحات العامة وتضع النساء لأنفسهن خططا معينة للخروج في أوقات وأماكن معينة. ويضيف: “تعايش النساء مع التحرش ينتج في الغالب نساء معبآت نفسيا وحانقات على المجتمع وهذا يؤثر سلبا على انتاجيتهن، وبالتالي يتحمل المجتمع بأكمله فاتورة العنف الجنسي ضد النساء”.
اعتبر كثيرون أن حملة “التحرش بالمتحرشين” هي رد فعل عنيف على التحرش الجنسي. فالحملة هي عبارة عن مجموعة من المتطوعين –أغلبهم من الذكور-ينتشرون في شوارع القاهرة للتصدي للمتحرشين عن طريقة كتابة كلمة “متحرش” على ملابس المتحرشين. يقول شادي أبو زيد، أحد منسقي هذه المبادرة، إن المتطوعين يلجأون لطريقة الوصم المجتمعي لردع المتحرشين، إلا أن هذه الطريقة غير مأمونة العواقب في أحيان كثيرة، ويضيف: “في كثير من الأحيان نتعرض للضرب من قبل المتحرشين، منذ أن عملنا في المبادرة في الأعياد من 2012 وواحد على الأقل من أعضاء المجموعة يتعرض لإصابات جسدية جسيمة.”
وبالرغم من الانتصار الذي حققته مي الشامي بسجن أحد المتحرشين بها، فإنها تعيش في قلق دائم من احتمال خروج هذا المتحرش ليحاول الانتقام منها بعد انقضاء فترة عقوبته، هذا بجانب محاولاتها اليومية للتعايش مع تجارب التحرش المتكررة.
بالنسبة لها، أصبح العنف هو سبيل التعايش الوحيد: “لا يمر يوم من دون أن أضرب أحد المتحرشين. بالأمس علق أحدهم على جزء حساس بجسدي فصفعته، هكذا بنفس البساطة التي تحرش بي من خلالها”.
اعتبر كثيرون أن حملة “التحرش بالمتحرشين” هي رد فعل عنيف على التحرش الجنسي. فالحملة هي عبارة عن مجموعة من المتطوعين –أغلبهم من الذكور-ينتشرون في شوارع القاهرة للتصدي للمتحرشين عن طريقة كتابة كلمة “متحرش” على ملابس المتحرشين. يقول شادي أبو زيد، أحد منسقي هذه المبادرة، إن المتطوعين يلجأون لطريقة الوصم المجتمعي لردع المتحرشين، إلا أن هذه الطريقة غير مأمونة العواقب في أحيان كثيرة، ويضيف: “في كثير من الأحيان نتعرض للضرب من قبل المتحرشين، منذ أن عملنا في المبادرة في الأعياد من 2012 وواحد على الأقل من أعضاء المجموعة يتعرض لإصابات جسدية جسيمة.”
وبالرغم من الانتصار الذي حققته مي الشامي بسجن أحد المتحرشين بها، فإنها تعيش في قلق دائم من احتمال خروج هذا المتحرش ليحاول الانتقام منها بعد انقضاء فترة عقوبته، هذا بجانب محاولاتها اليومية للتعايش مع تجارب التحرش المتكررة.
بالنسبة لها، أصبح العنف هو سبيل التعايش الوحيد: “لا يمر يوم من دون أن أضرب أحد المتحرشين. بالأمس علق أحدهم على جزء حساس بجسدي فصفعته، هكذا بنفس البساطة التي تحرش بي من خلالها”.
بالنسبة لها، أصبح العنف هو سبيل التعايش الوحيد: “لا يمر يوم من دون أن أضرب أحد المتحرشين. بالأمس علق أحدهم على جزء حساس بجسدي فصفعته، هكذا بنفس البساطة التي تحرش بي من خلالها”.
–
Comments