لقطات ملهمة عن التَّغير المناخي في مسابقة للتصوير الفوتوغرافي في العراق

من الميدان

لقطات ملهمة عن التَّغير المناخي في مسابقة للتصوير الفوتوغرافي في العراق

شهدت دورة هذا العام من المسابقة السنوية التي تجريها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العراق للتصوير الفوتوغرافي للقضايا السنوية مشاركة متميزة كمًّا وكيفًا، إذ تلقت قرابة 200 مشاركة من مصورين وصحافيين وهواة في موضوع مسابقة هذا العام وهو التغير المناخي في البلاد.

حصل على المركز الأول المصور الفوتوغرافي حمد شاهر، من محافظة ذي قار جنوبي العراق، عن لقطة متميزة تصور التدهور البيئي في منطقة الأهوار. وحصل حسن علي وفرمان صالح على الجائزتين الثانية والثالثة، فيما حصل أسيد العاني على جائزة الجمهور.

دأبت بعثة اللجنة الدولية في العراق على تنظيم مسابقة تصوير فوتوغرافي كل عام حول القضايا الإنسانية الملحة في البلاد، بهدف توجيه الأنظار نحو القضايا الإنسانية ورفع الوعي العام تجاهها. تملك الصورة القدرة على إيصال الرسائل الإنسانية ورفع الوعي بالحدث ربما بشكل أكبر حتى من الكلمة، فصورة واحدة أحيانًا قد تساوي ألف كلمة.

العراق واحد من أبرز البلدان التي تواجه أزمات تغير المناخ وتدهور البيئة، إذ يصنف كخامس دولة أكثر عرضة للتغير المناخي في العالم، وتعاني مختلف محافظات العراق من هذه التغيرات بسبب هشاشة الوضع فيها نتيجة تدهور البنى التحتية بعد سنوات من الحرب والنزاعات المسلحة. كما أن ارتفاع درجات الحرارة أصبح أمرًا شائعًا إلى جانب تكرار مواسم الجفاف واشتداد حدة العواصف الترابية.

لهذا، كان لا بد من تسليط الضوء على هذه القضية الإنسانية الملحة وتشجيع الشباب العراقي على توظيف إبداعهم من أجل توجيه الأنظار نحو المشاكل الإنسانية التي يعاني منها بلدهم العراق.

مستوى عالٍ من المشاركة

وصل عدد المشاركات في المسابقة إلى قرابة 200 مشاركة من مصورين وصحافيين وهواة. ولم تكن عملية اختيار الصور المرشحة للفوز، والتي أشرفت على اختيارها لجنة تحكيم مكونة من خبراء فنيين وتقنيين من اللجنة الدولية وجمعية الهلال الأحمر العراقي، بالعملية السهلة بسبب جودة المشاركات والقصص الإنسانية المتميزة والمتنوعة التي شاركها المصورون.

الفائز الأول في المسابقة كان حمد شاهر، وهو مصور من محافظة ذي قار جنوب العراق والتي تشهد تدهورًا بيئيًّا كبيرًا خاصة لمنطقة الأهوار والتي شهدت تراجعًا في مستوى المياه وارتفاعًا في نسب الملوحة في الأرض نتيجة قلة المياه، والتي أدت إلى جفاف مناطق شاسعة من الأهوار ونفوق الحيوانات.

يقول حمد: «قبل فترة قصيرة كنت أنا ومجموعة من المصورين العراقيين قد أطلقنا حملة توعية تحت وسم (أنقذوا الأهوار – تراث عالمي)، وعندما علمت بالمسابقة التي أطلقتها اللجنة الدولية، وجدت فيها فرصة من خلالها أستطيع إيصال صوت الأهوار باستخدام الصورة، ولم أكن حينها أتوقع الفوز لأني كنت أدرك أن المنافسة في هذا الموضوع بالذات ستكون قوية بسبب انصباب اهتمام العديد من المصورين المبدعين تجاه أزمة التغير المناخي في البلاد».

وأضاف حمد: «فوزي بالمركز الأول سيكون حافزًا لي أن أستمر وأقدم أعمالًا أكثر أستطيع من خلالها إيصال رسالتنا إلى العالم، لعل السنوات القادمة تشهد حلًّا لمشكلة الجفاف التي تعاني منها أهوارنا».

أما الصورة الفائزة بالمركز الثاني التي التقطها حسن علي وهو مصور شاب من محافظة ذي قار أيضًا، فتظهر حجم الجفاف الذي أصاب مساحات شاسعة من الأهوار التي لطالما عرفت بغزارة مياهها والتنوع البيولوجي فيها، إذ إنها كانت تشكل محميات للكثير من النباتات الطبيعية والحيوانات البرية، الأمر الذي ساهم في إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي في العام 2016.

أما المركز الثالث فكان من نصيب فرمان صالح، والصورة تظهر جبلًا من القمامة والملوثات البيئية بالقرب من أحد جبال محافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق.

كما أتيحت الفرصة للجمهور أن يضع بصمته كذلك في اختيار أكثر الصور التي يجدها تعبر عن التغير المناخي في العراق، فقام الجمهور بترشيح صورة المصور الشاب أسيد العاني، والتي تظهر فيها إحدى العواصف الترابية المتوجهة صوب محافظة الأنبار- غرب العراق، إذ إن العراق أصبح يشهد نسبة كبيرة من العواصف الترابية والتي وصلت إلى 300 عاصفة في العام 2013 بعد أن كانت في السابق لا تتجاوز 25 عاصفة في العام الواحد، بسبب عدة عوامل منها التصحر والذي يؤثر على 39% من مساحة الأراضي في عموم العراق.

يقول سعد سيروان، وهو موظف إعلامي باللجنة الدولية، والذي ساهم بالإشراف على عملية التنسيق والفرز في المسابقة: «هذه المرة الأولى التي أشرف فيها على مسابقة متعلقة بالتغير المناخي، حقيقة أنا متفاجئ بالإبداع الذي لمسته من خلال مشاهدتي للمشاركات والتي من وجهة نظري جميعها كان يستحق الفوز، كما أنني أصبحت أدرك تمامًا أن الشباب العراقيين لديهم وعي كبير بحجم المشكلة التي يواجهها بلدهم».

المناخ يتغير في كل مكان، ولكن الأشخاص الذين يعيشون في سياقات هشة هم الذين سيتأثرون بشدة. وحسب تصنيف روتردام للبلدان الخمسة والعشرين الأكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية، حيث يحتوي على 14 دولة مرت بنزاع مسلح، والعراق واحد منها. إذ تؤثر الأزمات المناخية والبيئية بالفعل على حياة الناس؛ وفي جنوب العراق أجبرت ندرة المياه والتدهور البيئي الكثيرين على تغيير أسلوب حياتهم خاصة المجتمعات الأكثر فقرًا وضعفًا

اطلع غيرك على هذا المقال

تعليقات

لا توجد تعليقات الآن.

اكتب تعليقا