كأس العالم في روسيا وكأس القانون الدولي الإنساني في غزة

قانون الحرب / من الميدان

كأس العالم في روسيا وكأس القانون الدولي الإنساني في غزة

في غزة تبدأ الإجازة الصيفية مع قدوم شهر حزيران/يونيو، فيتوقف الطلبة عن الذهاب الى المدارس والجامعات لثلاثة أشهر. وعند الحديث عن الإجازة الصيفية في أي مكان في العالم يخطر ببالك ما يخطط له الطلبة عادة من سفر أو تخييم، أو مشاركة في أنشطة صيفية ترفيهية. المحظوظون جداً منهم قد يحصلون هذا العام على تذكرة للسفر ومشاهدة كأس العالم في روسيا. ولكنه خيار غير متاح لطلبة الجامعات من غزة، حتى ولو توفرت القدرات المادية لهم. فالقيود المفروضة على الحركة عبر المعابر سواء مع إسرائيل أو مصر تحجبهم عن باقي العالم.

هل فتّر هذا في عزمهم؟ اليأس ليس كذلك خيار متاح لطلبة في مقتبل العمر مثلهم. فقد اجتمع ثلاثون طالبة وطالب من ثلاث كليات قانون مختلفة في قاعة صغيرة تطل شرفتها على بحر جميل لا يرون منه إلا الجزء الخاص بغزة، للمشاركة في فعاليات المدرسة الصيفية في القانون الدولي الإنساني. ناقش الطلبة معًا واجبات المتحاربين والمقاتلين في النزاعات المسلحة بموجب القانون الدولي الإنساني. وفي غضون أربعة أيام متتالية تباحث الطلبة مع المحاضرين والأساتذة المشاركين، بشكل تفاعلي وتنافسي، في العديد من القضايا والبنود القانونية الخاصة بحماية المدنيين في النزاعات المسلحة.

وقد يأتي السؤال هنا: مع اختلاف النزاعات الحالية وما يصحبها من تحديات ومعاناة يشهدها العالم وتؤثر على المدنيين بشكل كبير، هل ما يزال القانون الدولي الإنساني اليوم مناسباً لمناقشة هذه القضايا والتطورات؟

فالعيش في خضم نزاع طويل الأمد، استمر لعقود، يصيب الكثير من المدنيين بالإحباط ويجعلهم دائما يتوقعون حدوث الأسوأ لا محالة. لكن تبقى دائما نافذة مفتوحة للإيمان بقدرة هذا القانون على درء الأسوأ. فبالنظر إلى اهتمام الغزيين بمعرفة القانون الدولي الإنساني وفهمه ونشره، لاسيما لدى طلبة الجامعات، يعطي ذلك دافعاُ للاستمرار في جهود دعم هدف وقضية هذا القانون.

وفي الأماكن التي تصبح النزاعات فيها أحياناً جزءًا من نسيج المجتمع، ويسود الإحباط وفقدان الأمل بوجود بيئة مواتية لاحترام قانون النزاعات المسلحة، وحيث قد لا تجد جهود نشر القانون الدولي الإنساني طريقًا لها، تبقى قواعد الحرب المكتوبة من سنوات طويلة قوية وملائمة لكل زمان ومكان مهما اختلفت الظروف.

يشكل طلبة الجامعات في قطاع غزة غالبية المكون السكاني. وبالرغم من الفرص والموارد المحدودة المتاحة للطلبة والأكاديميين في القطاع، لا يألو أي منهم جهدًا للاستفادة من أية فرصة تتاح له. وتعد مشاركة طلبة الجامعات في الأنشطة اللامنهجية أمراً هاماً لعملية التعليم في كليات القانون لأنها تدعم تدريس القانون الدولي الإنساني بشكل عملي. ومع مرور طلبة الجامعات بثلاث حروب سابقة وسنوات طويلة من الإغلاق أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى أكثر من 60 في المئة، لم يتوقف الطلبة عن السعي إلى فهم الحقوق والواجبات التي يضعها القانون الدولي الإنساني.

وكجزء من جهود اللجنة الدولية في مجال نشر المعرفة بهذا القانون، تقوم بذلك من خلال التثقيف والتدريب والنقاشات المعمقة ومسابقات المحاكم الصورية وغيرها من الأنشطة التي تضم مجموعات مختلفة من الطلبة وأساتذة الجامعات والقانونيين وصانعي القرار وغيرهم.

إن شراكات اللجنة الدولية مع الجامعات حيوية من أجل تعزيز احترام القانون الدولي الإنساني عبر تشجيع الجامعات على تدريسه ودعم أساتذتها في تلك العملية للوصول إلى جيل قادة الغد يعي أهمية هذا القانون ويحترمه. كما لأساتذة الجامعات مساهمة كبرى في النقاشات القانونية والإنسانية وفي صياغة القوانين والسياسات التي تتماشى مع هذا القانون.

تعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الأوساط الأكاديمية في غزة منذ سنوات طويلة لدعم الجامعات في إدماج وتدريس القانون الدولي الإنساني في مناهج الكليات ذات العلاقة. وحيث أن طلبة اليوم هم قادة الغد فإن المعرفة بالقانون الدولي الإنساني أساسية لدعم جهود تعزيز احترامه ولخلق مساحة لطرح القضايا الإنسانية الملحة.

وبانضمام فلسطين إلى نظام روما الأساسي يصبح القانون الدولي الإنساني أكثر أهمية في غزة. وهنا يأتي دور الأكاديميين لدعم جهود الساسة لتعزيز انفاذ هذا القانون على الصعيد الوطني.

في هذه المدرسة الصيفية، لم نسمع صافرة حكم تعلن نهاية المباراة، ولم يرفع أي حكم شارة إنذار تفيد أن أحد المشاركين ارتكب خطأً أو دفع بزميله على أرض الملعب أو بالكرة الى خارجه. في مثل هذه الأنشطة يفوز الجميع بكأس النصر عبر فهمهم للقانون مما يعزز احترامه وتطبيقه. في المقابل توفي اللجنة الدولية البدور المنوط بها.

نبذة

نظمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجامعة غزة فعاليات المدرسة الصيفية الأولى في القانون الدولي الإنساني لطلبة القانون من 24 حزيران/يونيو 2018 وحتى 27 من الشهر نفسه. شارك في هذه المدرسة 30 طالبا وطالبة من جامعة غزة وجامعة فلسطين وجامعة الأزهر. تخلل البرنامج التدريبي مجموعة من الموضوعات المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الدولي ونظام روما الأساسي بالإضافة إلى تدريب على فنييات المرافعات وكتابة المذكرات. اعتمد المحاضرون المشاركون على النهج التشاركي في النقاش والتطبيق العملي من خلال مجموعات العمل.

روابط ذات صلة:

هلا شملاوي، المحاكم الصورية في الأردن.. القانون الدولي الإنساني في متناول الطلاب

اطلع غيرك على هذا المقال

تعليقات

لا توجد تعليقات الآن.

اكتب تعليقا