«يخيل لي أني أتيت بالحرب معي»، قصائد عن الحرب واللجوء

العدد 68

«يخيل لي أني أتيت بالحرب معي»، قصائد عن الحرب واللجوء

الوطن لغة نضجت في فمك

الآن، لا وجود لها

في أي مكان

بخلاف قلبك وعقلك.

الوطن هو حيث كان عليك أن تعلِّم

أطفالك الهرب

من رجال يرتدون

الحرب والدماء.

الوطن أسطورة، حكاية عن نشأتك

آمنًا سعيدًا

قبل

أن يشعلوا النار في عالمك بأكمله.

الوطن حيث هرعت باتجاه البحر

لأن المكان الذي تنتمي إليه

لم يعد يتذكر اسمك.

الوطن كان ملجأك

الآن، بعد ما

بقسوة انتزعوه منك

يسمونك لاجئًا.

أخذوا وطنك وأسموك لاجئًا – نيكيتا جيل

– – – –  – – –

يخيل لي أني أتيت بالحرب معي

فوق جلدي

كفن يلف رأسي

قيح تحت أظافري

أراها عند قدمي بينما أشاهد التلفزيون

أسمع أنفاسها الرطبة في مكالمات

الهاتف

تنام بيننا في الفراش

تفرك ظهري وقت الاستحمام

تزاحمني عند الحوض

في الليل، تناولني الدواء وتشد على يدي

لكن، عيوننا لم تلتقِ أبدًا.

تذكار- وارسان شاير

– – – –  – – –

لا أحد يهجر الوطن إلا

لو أن الوطن فك قرش.

تركض نحو الحدود،

فقط،

حين ترى المدينة بأكملها تفعل.

جيرانك أسرع منك

أنفاسهم مدماة في حلوقهم

رفيق المدرسة

من قبلكِ خلف مصنع القصدير القديم

يحمل بندقية تفوقه حجمًا.

تغادر الوطن،

فقط،

حين يرفض الوطن بقاءك.

لا أحد يهجر الوطن إلا لو أنه يتعقبه

بالنار من تحت أقدامه

وبالدم الحار في بطنه

إنه أمرٌ لم تظن أبدًا أنك فاعله

حتى يلفح النصل عروق نحرك

رغم هذا تُبقي نشيده الوطني

خلف أنفاسك

فقط، تمزق جواز سفرك في مرحاض المطار

فتنتحب كل مزقة وكأنها فم من ورق

معلنًا أنك لن تعود أبدًا.

عليك أن تفهم

لا أحد يضع أطفاله في قارب

إلا لو أن الماء أكثر أمنًا من اليابسة

لا أحد يلقي بكفيه

تحت القطارات

أو العربات

لا أحد يقضي أيامًا وليالي في بطن شاحنة، طعامه الصحف،

إلا لو أن الأميال المقطوعة

تعني ما هو أكثر من مجرد رحلة

لا أحد يزحف تحت الأسوار

لا أحد يرغب في أن يكون

بائسًا منتهكًا.

لا أحد يختار معسكرات اللاجئين

أو التفتيش الذاتي

الذي يترك الجسد متألمًا

ولا السجن

لأن السجن أأمن من مدينة اللهب،

حارس سجن واحد في الليل

أفضل من حمولة شاحنة من رجال

يشبهون والدك

لن يقبلها أحد

لن يتحملها أحد.

اللاجئون السود

المهاجرون الأجلاف

ملتمسو اللجوء

الزنوج الظمأى من يمتصون

بلادنا

رائحتهم قذرة

متوحشون

دمروا وطنهم والآن يريدون

تخريب وطننا

كيف تتجاهلين الكلمات

والنظرات الحارقة

ملقيةً بها

وراء ظهرك!

ربما لأنها أهون من

أطراف مقطوعة.

أو لأن الكلمات أرحم

من أربعين رجلًا بين

فخذيك

أو لأن الإهانة أسهل

في البلع

من الأنقاض

والعظام

وأشلاء طفلك

الممزقة.

أريد العودة للوطن،

لكن الوطن فك قرش

الوطن برميل بارود

لا أحد يهجر الوطن

إلا لو دُفع به نحو الشاطئ

إلا لو قال له:

أسرع

اترك ملابسك خلفك

ازحف عبر الصحراء

اعبر المحيطات

اغرق

تضور جوعًا

توسل

انس كرامتك

بقاؤك على قيد الحياة أهم.

لا أحد يهجر الوطن إلا لو أن الوطن صوت خائر يهمس

في أذنك:

ارحل

اهرب بعيدًا عني الآن،

أجهل ما أصبحت عليه،

غير أني أعرف تمامًا أن أي مكان

أكثر أمانًا من هنا.

وطن – وارسان شاير

– – – –  – – –

تخيل شعور أن تطرد من بيتك

أن تتمزق يداك

أن يفر من بين أطراف أصابعك شيء تمسكت به بشدة

مثل أكف العشاق التي تنفلت عندما يُدفعون بعيدًا، تمد يدك باستمرار

أبي يتكلم عن الوطن

يتكلم عن وجوه مألوفة

عن الفتاة في البيت المجاور التي سوف تكبر لتصبح أمي

عن بائع الفاكهة في السوق

عن الرجل عند رأس الشارع الذي لم يتحدث إليه أحد

وبيتنا – في آخر الشارع – المضاء بمصباح واحد مرتعش

وما أبعد، ظلام.

هناك، كانوا يجلسون يحكون حكايات

عن الوحوش التي تتسلل وتظهر ليلًا فقط لتمسك بالأطفال الذين يجلسون يستمعون

لقصص عن الوحوش المتسللة ليلًا

هكذا عاشوا

دفنت كل ذكرى

وترك أمر اكتشاف الكنوز للمنقبين عنها

الكلمات الأخيرة على شفاه فرد محتضر من العائلة

كان هذا مخيفًا

ولا حتى الوحوش تستطيع أن تشعرك برعب كهذا.

لكن، هناك وحوش تأتي نهارًا

وحوش تمزق العائلات بأياديها الضخمة

وأصابعها التي تضغط الزناد

صوت البنادق في السماء أصبح معتادًا مثل دقات المطر على حافة النافذة

وحش يمكن أن يقتل ويختبئ خلف الخطابات والبدلات وربطات العنق

وحوش تطرد العائلات وتجبرها على ترك كل ما تملك خلفها.

أذكر عندما خطوت خارج الطائرة أول مرة

كل شيء كان غريبًا

غير مألوف

أتينا إلى هنا لنجد ملاذًا

أسمونا لاجئين

لذا أخفينا أنفسنا في لغتهم حتى أصبحنا نتكلم مثلهم

بدلنا ملابسنا لنبدو مثلهم تمامًا

جعلنا منه وطنًا حتى عشنا مثلهم وبدأنا نتحدث عن الوجوه المألوفة

وفتاة البيت المجاور التي سوف تكبر لتصبح أمًّا

وبائع الفاكهة في السوق

والرجل الوحيد الذي لم يتحدث إليه أحد

وبيتنا في آخر الشارع المضاء بمصباح وحيد مرتعش ليبعد الظلام.

هناك، كنا نجلس ونشاهد الشرطة تتسلل ليلًا

لتقبض على الشباب الذين يجلسون يشاهدون الشرطة التي تتسلل ليلًا فقط.

هكذا عشنا.

أذكر يوم سمعتهم يقولون لي

هؤلاء أتوا إلى هنا ليأخذوا وظائفنا

يجب أن يعودوا لبلادهم

لم يعرفوا أني واحد من الذين أتوا

قلت لهم

إن اللاجئ، ببساطة، هو شخص يحاول أن يقيم بيتًا

لذا، في المرة المقبلة، عندما تعودون إلى بيوتكم

ضموا أولادكم وقبلوا عائلاتكم

وكونوا شاكرين لأن الوحوش لم تأتِ إليكم

لم تأتِ إليكم في البدلات وربطات العنق

لم تأتِ إليكم عبر الصحف مع الأكاذيب الإعلامية

لم تأتِ إليكم قط

كونوا شاكرين أنكم لستم محتقرين.

واعلموا أن عميقًا في قلوبنا، داخل كل واحد منا،

كلنا نبحث دائمًا عن مكان يمكن أن نسميه وطن.

ملاذ – جي جي بولا

– – – –  – – –

الشعراء

نيكيتا جيل (Nikita Gill)، شاعرة بريطانية من أصول هندية

وارسان شاير (Warsan Shire)، شاعرة وكاتبة بريطانية من أصول صومالية

جي جي بولا (JJ Bola)، شاعر وروائي بريطاني من أصول كونجولية

نُشر هذا الموضوع في عدد مجلة الإنساني رقم 68 الصادر في ربيع/ صيف 2021. لتصفح الموضوع كما صدر في المجلة انقر هنا، وللاطلاع على محتويات العدد، انقر هنا. لتصفح العدد كاملًا، انقر هنا

 

للحصول على نسخة ورقية من المجلة، يمكنكم التواصل مع بعثاتنا في المنطقة العربية، وهم سيزودكم بإذن الله بما تحتاجون إليه من أعداد المجلة الحالية أو السابقة. انقر هنا لمعرفة عناوين وبيانات الاتصال.

اطلع غيرك على هذا المقال

تعليقات

لا توجد تعليقات الآن.

اكتب تعليقا