يكافح موظفو اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ضمن آلاف العاملين الإنسانيين، من أجل التصدي للتحديات المتفاقمة التي خلفها الزلزال الذي ضرب سورية وتركيا البلاد يوم السادس من شباط/ فبراير الماضي وأسفر عن سقوط آلاف الضحايا علاوة على تدمير شامل للبنية التحتية في مناطق ظلت لسنوات تئن بفعل النزاع الذي أنهك البلاد.
وفي ختام زيارتها لسورية، نقلت ميريانا سبولياريتش، رئيسة اللجنة الدولية، الوضع البائس الذي يرزح تحته المتضررون من الزلزال. وقالت:
«مجتمعات عصفت بها سنوات النزاع تواجه الآن ما تهتز له الجبال. لكم يؤلمني أن أقول إن هذه الكارثة الطبيعية سحقت معنويات الناس سحقًا. تحدثت إلى أناس في حلب اتخذوا من مدرسة ومسجد مأوى لهم، ولمست كيف زلزل الدمار كيانهم. لم يكد كثير منهم يلملمون الجراح التي خلفها القتال حتى وجدوا أنفسهم يسقطون في براثن أزمة جديدة».
أيهما اسوأ؟ #نزاع عنيف، أم #زلزال مدمر؟
في شوارع #سورية، وفي درجة حرارة تقارب الصفر المئوي وقرب حطام المنازل، عائلات ما زالت بالعراء إما فقدت عزيزا أو منزلا، وفي الحالتين حياتهم لن تكون كالسابق.
يُحدثنا عمار صبوح @ICRC_sy عن كيف تضاعفت الاحتياجات الإنسانيّة بعد 12 عامًا من النزاع pic.twitter.com/rGVZFVVBzh— اللجنة الدولية (@ICRC_ar) February 12, 2023
وعانى المدنيون في سورية على مدار أكثر من عقد من الزمان من آثار النزاع المسلح خلف مئات الآلاف من القتلى ودمر أجزاءً واسعة من المناطق السكانية في مختلف أماكن البلاد، فضلًا عن تشريد ملايين السكان، إذ إن سوريًّا من كل اثنين فر من بيته بسبب النزاع، إما خارج البلاد أو داخلها.
وشملت قائمة التحديات الكارثية التي واجهها المدنيون خلال السنوات الماضية آثار الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بالبلاد، علاوة على الآثار المنهكة لجائحة كوفيد-19، وكذلك تفشي وباء الكوليرا.
ثم جاءت الهزة الأرضية، التي بلغت قوتها 7.8 درجة على مقياس ريختر، لتضيف مستوىً جديدًا من المعاناة على كاهل سكان منهكون أصلاً من تبعات نزاع دائر منذ 12 عامًا، فحصدت أرواح أسر بكاملها، وأحالت منازل إلى ركام، وأجبرت الناس على النزوح مرة أخرى. وأصبح بقاء الناس على قيد الحياة مرهونًا بتوفر رعاية طبية ومياه صالحة للشرب ومصادر إمداد غذائي يُعتمد عليها.
أرقام قد تفيد في إدراك عمق الأزمة الإنسانية في سورية
• لا يزال هناك أكثر من 15.3 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية ماسة.
• يعاني 12.4 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، في بلد يبلغ معدل البطالة فيه نحو 50 في المئة.
• قرابة نصف إمدادات المياه والصرف الصحي ومرافقها لا تعمل على نحو جيد.
• يتعرض أكثر من 11.5 مليون شخص لمخاطر متعلقة بالألغام والذخائر غير المنفجرة.
وتُعد مناطق شمال غرب سورية، لا سيما حلب واللاذقية وإدلب، من أشد المناطق تضررًا من جراء الزلزال المدمر.
وتقول إيمان طرابلسي، المتحدثة الإقليمية باسم اللجنة الدولية: «مناطق شمال شرق وشمال غرب سورية هي من بين أكثر المناطق في سورية هشاشة، المدن الأكثر تضررًا اليوم هي حلب، حماة، اللاذقية، إدلب…هذه المدن عرفناها عن طريق الأخبار خلال السنوات الأخيرة نظرًا للنزاع والعنف القائم بها ولنسبة التدمير».
وتابعت:
«اليوم نتحدث عن 90 في المئة من سكان سورية يعيشون تحت خط الفقر، وبالتالي الهشاشة الاجتماعية لسكان هذه المناطق تجعلهم غير قادرين على التحمل، هم بالفعل كانوا غير قادرين على تحمل مصاعب الحياة اليومية، التي تمثل لهم تحديًا يوميًّا، واليوم مع حصول هذا القدر الضخم من الدمار وتدمير البيوت وتدمير البنية التحتية القليلة التي كانت موجودة…كل الاحتياجات الأساسية غير متوفرة، نحن نتحدث عن مناطق ليس بها إمداد كافٍ من المياه والصرف الصحي على مستوى أساسي، واليوم القليل الباقي تم تدميره من جراء هذه الكارثة الطبيعية، ليست هناك قدرة شرائية، بالتالي نتحدث عن أزمات غذاء مضاعفة، نتحدث كذلك عن زلزال يصيب هذه المنطقة خلال فصل الشتاء ودرجات الحرارة تنحدر إلى ما دون الصفر داخل هذه المنطقة، وبالتالي السكان مع هذه الظروف غير قادرين على الحصول على الكهرباء أو التدفئة… هذا بالإضافة إلى عدم توفر المؤسسات الصحية الكافية في المنطقة».
ومنذ اللحظة الأولى، هبَّت فرق اللجنة الدولية في الميدان، تشاركها فرق الهلال الأحمر العربي السوري، للاستجابة للاحتياجات الملحة في المناطق المتضررة من الزلزال في حلب واللاذقية وطرطوس.
المدير العام للجنة الدولية @RMardiniICRC يؤكد على تواجد فرقنا في #سورية للاستجابة للاحتياجات الإنسانية الأشد إلحاحا #زلزال_سوريا_وتركيا pic.twitter.com/0CyDZac16e
— اللجنة الدولية (@ICRC_ar) February 13, 2023
وشرح عدنان حزام، المتحدث باسم اللجنة الدولية في سورية، أبعاد الوضع الإنساني بعد الهزة الأرضية، قائلًا:
«الوضع يزداد سوداوية وخاصةً أن هناك فرصًا كبيرة لاحتمال وجود ناجين، مع ذلك تستمر هذه العمليات، عمليات الإنقاذ، وكذلك عملية تقديم العون الإنساني لضحايا هذه الكارثة، وخاصةً أن هناك مراكز للإيواء أنشئت بمدن حلب واللاذقية وحماة. تقوم اللجنة الدولية.. مع فرق الهلال الأحمر [العربي السوري] بتوزيع المواد الغذائية وكذلك الإيوائية لمن هم في هذه المراكز. طبعًا ما نقدمه هو شيء بسيط مقارنةً بالوضع الحالي والاحتياجات الكبيرة والعدد الهائل من الأسر».
وشملت الاستجابة الإنسانية لهذه الفرق في الميدان، بينهم متخصتصون في علوم الطب الشرعي، وترتيب عملية عاجلة لنقل المياه بالشاحنات من أجل تلبية احتياجات العائلات المقيمة في أماكن الإيواء، وتزويد ثلاثة مستشفيات بالمستلزمات الطبية الضرورية لعلاج المصابين، وتوزيع أكثر من 100 ألف عبوة مياه والآلاف من فُرش النوم.
كما شملت أيضًا توفير أغذية معلبة وأطقم مستلزمات النظافة الصحية.
ومن المقرر في الأيام المقبلة تقديم المزيد من المواد الإغاثية لأكثر من 40 ألف أسرة للمساعدة في تلبية احتياجاتها الأساسية، وتعزيز قدرة المستشفيات على إجراء عمليات جراحية. كما سنساعد على إعادة الاتصال بين أفراد العائلات المشتتة.
Comments