حواء محمد ليمان، هذا هو الاسم الكامل، لفتاة نيجيرية في رَيْعان الشَّباب، كانت متألقة، متفائلة، متفانية في خدمة غيرها، خصوصًا السكان المدنيين الذين يرزحون تحت نير نزاع مسلح لا يرحم في بلادها. لكن في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي أقدمت مجموعة من الأفراد على إنهاء حياة حواء بكل قسوة في فعل «همجي بالغ الخسة»، حسبما قال بيان غاضب للجنة الدولية للصليب الأحمر.
وقبل شهر من مقتل حواء، لقيت زميلتها سيفورا حسيني أحمد المصير نفسه. كانت سيفورا تنتظر أن تُوقد الشموع في عيد ميلادها الـ25، لكن بدلًا من الشموع، فإنها قُتلت من قِبَل خاطفيها.
وكانت حواء واحدة من ثلاث موظفات في مجال الإغاثة قد اختطفن في هجوم وقع في بلدة ران، شمال شرقي نيجيريا، في الأول من آذار/ مارس 2018. والموظفتان الأخريان هما سيفورا وأليس لوكشا. وقد قُتلت سيفورا عمدًا في 16 أيلول/ سبتمبر، في حين لا تزال أليس مختطفة، وكذلك لياه شاريبو، وهي طالبة في مدرسة في الخامسة عشرة من العمر، قد اختطفت في حادثة منفصلة وقعت في شباط/ فبراير الماضي.
وكانت حواء وسيفورا تعملان في مركز رعاية صحية تدعمه اللجنة الدولية، في حين تعمل أليس في مركز تدعمه منظمة اليونيسيف.وعملت حواء وسيفورا في تقديم الخدمات الصحية الأساسية والمنقذة للحياة لآلاف الأشخاص، من النازحين والسكان على حد سواء في بلدة ران التي تضاعف عدد سكانها بسبب صراع دامٍ منذ نحو عشر سنوات في منطقة حوض بحيرة تشاد، والذي أسفر عن مقتل الآلاف ونزوح ملايين السكان من المنطقة المضطربة بشمال شرق نيجيريا وحول بحيرة تشاد.
بأي ذنب قُتلن؟
وبذلت اللجنة الدولية جهودًا دؤوبة وحثيثة لتكفل الإفراج عن العاملات الثلاث في مجال الرعاية الصحية، من بينها توجيه مناشدة إلى ولاية غرب أفريقيا لتنظيم الدولة الإسلامية، مطالبين إياهم بالتحلي بالرحمة، ولكن دون جدوى. وناشد البيان الذي أطلقته اللجنة الدولية الحكومة النيجيرية والمجتمعات المحلية والأفراد ذوي التأثير للعمل من أجل إطلاق سراح حواء، وفي البيان جرى مناشدة «ولاية غرب أفريقيا لتنظيم الدولة الإسلامية» الذي خطفهما واحتجزهما: «نحن نناشد ولاية غرب أفريقيا لتنظيم الدولة الإسلامية الذي احتجز هاتين المرأتين: نرجوكم أن تتحلوا بالرحمة، ونناشدكم ألا تقتلوا عاملة رعاية صحية بريئة أخرى لم تقترف ذنبًا، إذ كانت تساعد المجتمع المحلي في شمال شرقي نيجيريا».
ويشعر المرء بغصة في الحلق عندما يتذكر زميلتينا المتفانيتين حواء وسيفورا اللتين رحلتا تاركتين سيرة عطرة لكل من عرفوهما. كانت حواء نابضة بالنشاط، ممتلئة روحها بالحياة، وكانت عائلتها وأصدقاؤها يحبونها حبًّا جمًّا. وضعت نصب عينيها أن تدرس حتى تصبح قابلة وتساعد النساء في مجتمعها، وكانت هذه هي وظيفتها الأولى بدوام كامل بعد التخرج. أما سيفورا فقد كانت سند العائلة، صديقة أمها المقربة والأم المحبة لطفليها. يسأل الطفلان الجدة باستمرار عن موعد عودة أمهما، لكن الجدة المكلومة لا تعرف بماذا تجيب.
وتضاف سيفورا وحواء إلى قائمة من الزملاء والزميلات الذين قضوا نحبهم فيما يؤدون واجبهم تجاه السكان المدنيين. وفي نيسان/ أبريل الماضي، قُتل الزميل حنا لحود، 37 عامًا، في اليمن بعد أن أطلق مسلح مجهول النار عليه، بينما كان متجهًا في مهمة للجنة الدولية لزيارة أحد السجون.
نُشر هذا المقال في العدد 64 من مجلة «الإنساني» الصادر في خريف/ شتاء 2018
Comments