في 15 نيسان/أبريل 2023، وقف العالم يرقب اندلاع الأعمال العدائية في الخرطوم، عاصمة السودان، والتي امتدت رقعتها إلى أنحاء أخرى من البلاد، ولا سيما دارفور. وكما هو الحال في معظم النزاعات التي تدور رحاها في المناطق الحضرية، يتضرر المدنيون تضررًا كبيرًا من جراء القتال، وفي هذه الحالة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.ولحق الضرر بالعديد من المرافق الطبية والبنية التحتية الحيوية أو دمرت، ونزح آلاف الأشخاص حاليًا، بينما تواجه المنظمات الإنسانية صعوبات في الوصول إلى الأشخاص المحتاجين.
في هذا المقال، تلخص المستشارتان القانونيتان باللجنة الدولية، “جولي ليفول” و”يلينا نيكوليتش”، القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني التي تنطبق في حالات النزاعات المسلحة غير الدولية، وذلك بهدف حماية الأشخاص الذين لا يشاركون أو الذين كفوا عن المشاركة في القتال من آثار الأعمال العدائية، ومن بينهم الأشخاص المحرومون من حريتهم، والعاملون في المجالين الطبي والإنساني.
على مدى الأسابيع القليلة الماضية، شاهد العالم أزمة إنسانية تتكشف أمام أعيننا في جميع أنحاء السودان. وكما هو الحال في الكثير من النزاعات المسلحة الأخرى، يكون المدنيون هم الأكثر تضررًا من العواقب الوخيمة للقتال. فمنذ البداية، اشتعل فتيل الأعمال العدائية في الخرطوم ومدن كبرى أخرى، ما تسبب في دمار كبير وسقوط مئات القتلى والجرحى. ودُمرت مرافق طبية وبنية تحتية حيوية أو تعرضت لأضرار، ما تسبب في نشوء احتياجات إنسانية هائلة في ظل صعوبة الحصول على الخدمات الأساسية. ونزح آلاف الأشخاص داخل البلاد وفي جميع أنحاء المنطقة.
تُضاف هذه الأزمة الأخيرة إلى وضع إنساني صعب أصلًا في البلاد، تفاقم من جراء النزاعات والعنف على مدى عقود عدة. وتحاول الجهات الفاعلة الإنسانية، مثل المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية والمنظمات الدولية، ومن بينها اللجنة الدولية وجمعية الهلال الأحمر السوداني، مرة أخرى، الاستجابة للاحتياجات الإنسانية التي تفوق بكثير قدرتنا وقدرة الجهات الأخرى على الاستجابة لها. علاوة على ذلك، فإن القتال الضاري وغيره من العقبات جعل من الصعب على الجهات الفاعلة الإنسانية تقديم المساعدات التي تشتد الحاجة إليها على وجه السرعة.
وتتبع اللجنة الدولية أسلوب العمل الإنساني المحايد وغير المتحيز، تحت مظلة توجيهية هي القانون الدولي الإنساني. وبالتالي، يوضح هذا المقال القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني المنطبقة في النزاعات المسلحة غير الدولية التي تهدف إلى حماية الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية أو كفوا عن المشاركة فيها، وتنظيم المسائل التي تتعلق بوصول المساعدات الإنسانية.
نزاع مسلح غير دولي
النزاع في السودان هو نزاع مسلح غير دولي شأنه شأن غالبية النزاعات المسلحة الدائرة اليوم.[1] وعلى النقيض من النزاعات المسلحة الدولية، التي تندلع بين دولتين أو أكثر بصرف النظر عن مستوى ضراوة القتال،[2] يستلزم توصيف النزاع المسلح غير الدولي الوصول إلى مستوى معين من حدة العنف بين دولة ما وتنظيم مسلح منظم تنظيمًا كافيًا، أو بين جماعتين مسلحتين منظمتين أو أكثر.[3] وتتجلى حدة العنف في عوامل عدة مثل عدد المواجهات، ونوع الأسلحة والمعدات العسكرية المستخدمة، وحجم الدمار المادي، وعدد المدنيين الفارين من مناطق القتال.[4] ومن ناحية أخرى، يتجلى مستوى تنظيم الأطراف عمومًا في هيكل قيادة معين وقدرة الجهات الفاعلة المعنية على تنفيذ عمليات عسكرية وتطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني.[5]
في حال السودان، استوفيت معايير التنظيم وضراوة القتال خلال الأيام الأولى للنزاع، مع اندلاع قتالٍ ضارٍ. ونتيجة لذلك، تنطبق المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الثاني[6] انطباقًا تامًا، وكذلك قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي وعدد من معاهدات الأسلحة التي يكون السودان طرفًا فيها. ويشكل القانون الدولي لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين كذلك إطارين قانونيين مهمين يكملان الحماية القانونية لضحايا النزاع.
وترمي قواعد القانون الدولي الإنساني إلى تحقيق هدفين رئيسيين: الحد من المعاناة الإنسانية الناجمة عن الأعمال العدائية، ويتضمن تقييد اختيار الأسلحة، وحماية الأشخاص الذين لا يشاركون أو كفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية، ومن بينهم العاملون في المجالين الإنساني والطبي وأفراد القوات المسلحة الذين جرحوا أو لقوا حتفهم أو سقطوا في أيدي العدو. وتمنح أحكام القانون الدولي الإنساني أطراف النزاع والمنظمات الإنسانية غير المتحيزة قواعد أساسية مهمة بشأن وصول المساعدات الإنسانية وتنفيذ الأنشطة الإنسانية.
أكدت أطراف النزاع في السودان التزامها باحترام قواعد القانون الدولي الإنساني في اتفاقات وبيانات علنية شتى منذ اندلاع الأعمال العدائية، من بينها في إعلان جدّة، الذي نشر في أيار/مايو 2023.[7]
قواعد سير الأعمال العدائية
بموجب قوانين الحرب، الدولية وغير الدولية على حد سواء، توجد ثلاثة مبادئ أساسية تنظم الطريقة التي يمكن من خلالها لطرف في نزاع مسلح أن ينفذ عمليات عسكرية، أي تحكم سير الأعمال العدائية. وتتمثل في مبادئ التمييز والتناسب واتخاذ الاحتياطات، وجميع الالتزامات التي ينص عليها القانون الدولي العرفي. وهي تهدف إلى حماية المدنيين من آثار الأعمال العدائية، حتى عندما تنفذ الهجمات باستخدام تكنولوجيات جديدة ووسائل سيبرانية.
التمييز
يستلزم مبدأ التمييز من أطراف النزاع المسلح التمييز في جميع الأوقات بين أولئك الذين يشاركون والذين لا يشاركون مشاركة فعلية في الأعمال العدائية. ولا يجوز مهاجمة المدنيين، إلا إذا شاركوا مشاركة مباشرة في الأعمال العدائية وطوال مشاركتهم فيها.[8]
وبخصوص الأعيان، يجب توجيه الهجمات ضد الأهداف العسكرية دون غيرها.[9] والأعيان المدنية هي كافة الأعيان التي ليست أهدافًا عسكرية. وقد تبين من ممارسة الدول أنّ بعض الأعيان مثل المناطق المدنية والبلدات والمدن والقرى والمناطق السكنية والمباني والمنازل والمدارس ووسائل النقل المدنية والمستشفيات والمنشآت الطبية والوحدات الطبية وأماكن العبادة والبيئة الطبيعية تعتبر “ظاهريًا“ أعيانًا مدنية.[10] وبالإضافة إلى ذلك، يحظر القانون الدولي الإنساني على وجه التحديد الهجمات المباشرة ضد منشآت وإمدادات مياه الشرب وأشغال الري وغيرها من الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة.[11]
التناسب
عند شن هجمات ضد أهداف مشروعة، تكون هذه الهجمات غير قانونية بموجب القانون الدولي الإنساني إذا لم تكن متناسبة. وفي الواقع، يُحظر شن هجوم يُتوقع منه أن يسبب بصورة عارضة خسائر في أرواح المدنيين أو إصابات بينهم، أو أضراراً بالأعيان المدنية، أو مزيجًا من هذه الخسائر والأضرار، والتي تكون مفرطة في تجاوز ما يُنتَظر أن يسفر عنه ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة.[12] وبعبارة أخرى، لا يجوز مهاجمة هدفٍ عسكري إلا بعد إجراء تقييم يؤدي إلى استنتاج مفاده أنه من غير المتوقع أن تفوق الخسائر والأضرار في صفوف المدنيين الميزة العسكرية التي ينتظر أن يسفر عنها ذلك الهجوم. على أن يُلغى أي هجوم إذا تبين تغير الظروف الكامنة وراء ذلك التقييم.
وفي المراكز الحضرية مثل الخرطوم، كثيرًا ما تجتمع الأهداف المدنية والعسكرية في المناطق ذاتها، ويزيد خطر تنفيذ هجمات من شأنها إلحاق أضرارٍ بالبنية التحتية الحيوية اللازمة لتقديم خدمات حيوية، مثل الكهرباء أو المياه أو الصرف الصحي أو الرعاية الصحية أو المواد الغذائية أو التعليم، أو تدميرها حتى عندما يظل الهدف الأساسي هدفًا عسكريًا مشروعًا. ويؤدي ذلك إلى زيادة المخاطر على الصحة العامة وسبل عيش الناس، والذي يمكن بدوره أن يؤدي إلى نزوح عدد كبير من السكان ويفضي إلى احتياجات إنسانية هائلة.
الاحتياطات
تُبذل رعاية متواصلة، في سياق إدارة العمليات العسكرية، من أجل تجنيب تعريض السكان المدنيين والأشخاص والأعيان المدنية للأذى. وتُتخَذ جميع الاحتياطات العملية لتجنب إيقاع خسائر في أرواح المدنيين، أو إصابتهم، أو الإضرار بالأعيان المدنية بصورة عرضية، وتقليلها على أي حال إلى الحد الأدنى.[13]
على سبيل المثال، يتعين على الأطراف تجنب وضع أهداف عسكرية داخل مناطق مكتظة بالسكان أو على مقربة منها، ولذلك، تتجنب، على سبيل المثال، تموضع دبابات أو إنشاء قواعد عسكرية داخل المدن، لحماية المدنيين من الهجمات المحتملة وآثارها.
ومن الطرق الأخرى لتطبيق مبدأ الاحتياطات اختيار الوسائل والأساليب المستخدمة في الأعمال العدائية التي تتسبب في أقل الآثار على السكان المدنيين. وفي الوقت الراهن، يشكل استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة النطاق في مناطق مأهولة السبب الرئيس للأذى الذي يلحق بالمدنيين. ففي مدن مثل الخرطوم والقضارف ومروي والأبيض وفي منطقة دارفور، يمكن بسهولة أن يلحق ضرر أو دمار بالبنية التحتية المدنية، مثل المستشفيات والمدارس ومرافق المياه وشبكات الكهرباء، بسبب قربها من الأهداف العسكرية. وعليه، يجب ألا تتعرض الأهداف المشروعة التي تقع في المناطق المجاورة لها لهجوم ما لم يبذل كل ما هو ممكن لتجنب إلحاق الضرر بهذه البنى التحتية وما لم يكن الضرر الذي يلحق بالمدنيين، بما في ذلك الأضرار المتوقعة باعتبارها آثارًا جانبية،[14] غير متناسب مقارنة بالمزايا العسكرية المكتسبة.
وأخيرًا، فإن الالتزام باتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين وتجنب إلحاق أضرار عرضية بهم قد يستلزم من أطراف النزاع السماح للمدنيين بمغادرة منطقة معينة أو إجلائهم منها إذا كانت الأعمال العدائية تعرضهم للخطر. ومع ذلك، يُحظر على الأطراف إرغام المدنيين على النزوح قسرًا، ما لم يكن ذلك من أجل أمن السكان المدنيين أو “لأسباب عسكرية قهرية”.[15] وإذا كان لا بد من تنفيذ هذا التهجير القانوني، تُتخذ جميع الإجراءات الممكنة ليتسنى استقبال السكان المدنيين في ظروف مُرضية من حيث المأوى والنظافة الصحية والصحة البدنية والسلامة والتغذية.[16]
استخدام الأسلحة المتفجرة
ينبغي تجنب استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار واسعة النطاق، سواءً أطلقت أرضًا أو جوًا – مثل القنابل والصواريخ الكبيرة، والمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون، والصواريخ (بما في ذلك قاذفات الصواريخ متعددة الفوهات)، والأجهزة المتفجرة المرتجلة الكبيرة – في المناطق الحضرية وغيرها من المناطق المأهولة بالسكان بسبب الصعوبات البالغة في التمييز بين المدنيين والأشخاص المشاركين في الأعمال العدائية عند تنفيذ العملية العسكرية، ولأنها تحمل في طياتها احتمالية عالية للآثار العشوائية. لذلك، يجب على الأطراف عدم استخدام مثل هذه الأسلحة في المناطق الحضرية وغيرها من المناطق المأهولة[17]، إلا إذا اتُخذت تدابير كافية للحد من آثارها الواسعة النطاق وما يترتب على ذلك من خطر إلحاق الضرر بالمدنيين.[18]
حماية الأشخاص الذين لا يشاركون مشاركة فعلية في الأعمال العدائية
جميع الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية أو كفوا عن المشاركة فيها، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز، يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية، دون أي تمييز على أساس العرق، أو الجنسية، أو الجنس، أو أي معيار مماثل.[19]
ولذلك، لا يجوز قتل هؤلاء الأشخاص أو تعذيبهم أو الاعتداء على كرامتهم الشخصية، ولا سيما تعرضهم للمعاملة المهينة والحاطة بالكرامة، ولا ينبغي أن يؤخذوا رهائن.[20] وما يثير القلق بشكل خاص في السودان التقارير الواردة عن العنف الجنسي منذ اندلاع النزاع. ويحظر القانون الدولي الإنساني جميع أعمال العنف الجنسي – بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر الاغتصاب والاستعباد الجنسي والإكراه على البغاء والحمل القسري والتعقيم القسري – بحقّ النساء والرجال والفتيان والفتيات.[21]
الأشخاص المحرومون من حريتهم
في حين أن القواعد المنطبقة في النزاعات المسلحة غير الدولية ليست شاملة فيما يتعلق بالحماية الممنوحة للأشخاص المحرومين من حريتهم على خلفية النزاع كما هو الحال مع النزاعات المسلحة الدولية، فإن أشكال الحماية الأساسية التي تنص عليها المادة الثالثة المشتركة والبروتوكول الإضافي الثاني تنطبق لضمان تهيئة ظروف احتجاز ومعاملة ملائمة للمحتجزين. ويجب تسجيل البيانات الشخصية للأشخاص المحرومين من حريتهم من أجل منع اختفائهم،[22] ويجب السماح للمحتجزين باستقبال الزوار، وخاصة أقرب الأقربين، بقدر الإمكان[23].
الموتى
من العواقب الوخيمة للنزاع المسلح مقتل المئات من الأشخاص، مقاتلين ومدنيين على حدٍ سواء. ومنذ اندلاع القتال في السودان، لم تُنتشل الكثير من الجثث ولم تحظ بالرعاية الواجبة، وتركت ملقاة في الطرقات. وتلتزم الأطراف، بموجب القانون الدولي الإنساني، كلما سمحت الظروف بذلك، باتخاذ جميع التدابير الممكنة للبحث عن الموتى وجمع جثثهم وإجلائها دون تمييز ضار، [24] وتسجيل جميع المعلومات المتاحة قبل دفن الجثث ووضع علامات على مواقع القبور. علاوة على ذلك، تُتخذ كل التدابير الممكنة للحيلولة دون انتهاك حرمات الموتى.[25]
البعثات الطبية
وفقًا لتقديرات اللجنة الدولية، لا يعمل سوى 20 بالمئة من المرافق الصحية في الخرطوم.[26] ويمنح القانون الدولي الإنساني حماية خاصة للمستشفيات والطواقم الطبية، والوحدات ووسائل النقل المخصصة حصريًا للمهام الطبية والتي يجب احترامها وحمايتها في جميع الظروف؛ ولا يجوز إرغامهم علي القيام بأعمال تتعارض مع مهمتهم الإنسانية، ولا يُطلب منهم منح الأولوية لأي شخص إلا على أساس الأسباب الطبية. [27]
وصول المساعدات الإنسانية
بالنظر إلى حجم الاحتياجات الإنسانية في السودان منذ بداية النزاع، فإن ضمان وصول الجهات الفاعلة الإنسانية يشكل عاملًا رئيسًا حتى تتمكن من تقديم المساعدة للسكان المتضررين.
وفي حالات النزاع المسلح، كما هو الحال في أوقات السلم، تقع على عاتق الأطراف المسؤولية الرئيسة في تلبية احتياجات السكان الخاضعين لسيطرتها. ويقع على عاتق الأطراف الالتزام بالموافقة على أعمال الإغاثة ذات الطابع الإنساني البحت وغير المتحيز، التي تُنفذ من دون أي تميز، لصالح السكان المدنيين، وذلك حين يعاني هؤلاء من الحرمان الشديد بسبب نقص الإمدادات الضرورية لبقائهم كالأغذية والمواد الطبية.[28]
وبموجب القانون الدولي الإنساني، يحق للمنظمات الإنسانية غير المتحيزة عرض خدماتها من أجل تنفيذ أنشطة إنسانية، لا سيما حينما لا تُلبى احتياجات السكان المتضررين من النزاع المسلح.[29] وحالما تحصل الموافقة على برامج إغاثة إنسانية تتسم بعدم التحيز، يُتوقع من أطراف النزاع المسلح، فضلاً عن الدول المعنية، السماح بمرور مواد الإغاثة وتسهيل مرورها بسرعة وبدون عرقلة مع الاحتفاظ بحقها في المراقبة. ويشمل ذلك تسهيل كافة الجوانب الإدارية والبيروقراطية، وتوفير كافة الضمانات الأمنية اللازمة وتوفير ممر آمن لها.
ويقع على عاتق الأطراف التزام احترام موظفي الإغاثة الإنسانية والأعيان المستخدمة في عمليات الإغاثة الإنسانية وحمايتها وضمان حرية التنقل الأساسية لأفراد الإغاثة الإنسانية المصرح لهم لممارسة مهامهم. ولا يجوز تقييد تحركاتهم إلا في حالة الضرورة العسكرية الملحة وبصفة مؤقتة فقط. وتُحظر المضايقات والترهيب والاحتجاز التعسفي لموظفي الإغاثة الإنسانية. [30]
إن السماح بوصول المساعدات الإنسانية وتسهيلها بما يتماشى مع التزامات القانون الدولي الإنساني أمر ضروري لأنه يمكّن الجهات الفاعلة الإنسانية من الوصول إلى السكان المتضررين من النزاع وتوفير خدمات أساسية مثل المواد الغذائية والمياه والكهرباء والمساعدة الطبية وإعادة الاتصال بين المتضررين من النزاع وعائلاتهم.
وورد في المادة المشتركة الثالثة(2) من اتفاقيات جنيف بأن للجنة الدولية الحق في أن تعرض خدماتها على أطراف النزاع بصفتها منظمة إنسانية غير متحيزة. ويسمى هذا الحق أيضًا “حق المبادرة”، ويتضمن الحق في عرض خدمات مثل زيارة الأشخاص المحرومين من حريتهم فيما يتعلق بنزاع مسلح غير دولي[31] أو الاضطلاع بدور الوسيط المحايد إذا تطلب الوضع ذلك[32].
وتكرر اللجنة الدولية دعوتها إلى جميع الأطراف بالوفاء بالالتزامات الواقعة على عاتقها بموجب القانون الدولي الإنساني لتفادي المزيد من المعاناة والخسائر في الأرواح في صفوف المدنيين والحد من الآثار المحتملة للقتال على المدى الطويل على السودان وشعبه.
*Julie Lefolle مساعدة قانونية في اللجنة الدولية للصليب الأحمر
** Jelena Nokolic مستشارة قانونية للعمليات في اللجنة الدولية
نشر هذا المقال باللغة الإنكليزية في مدونة القانون الإنساني والسياسات وترجمه إلى العربية عبدالله حبيشي
Comments