ما علاقة التغير المناخي الذي يشهده كوكب الأرض بالنزاعات المسلحة؟ وهل من ارتباط بين ارتفاع حرارة الأرض وازدياد حدة المعارك في بعض مناطق عالم اليوم؟ حتى وقت قريب لم تكن هذه الأسئلة على أجندة اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
فجل اهتمامنا يبقى منصبًّا على حماية المدنيين في أوقات النزاعات المسلحة وضمان احترام حياتهم من قبل أطراف النزاع استنادًا إلى القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف. إلا أن شواهد كثيرة بدأت المنظمة تلاحظها في الأماكن التي تعمل بها، جعلتها تتوقف عند قضية المناخ وتغيراته، وتحاول فهم طبيعة العلاقة بينه وبين تأجج حروب هنا أو هناك. وهي فرضية سبقنا إلى دراستها الكثير من العلماء حول العالم، وكُتبت فيها أبحاث عدة. على أن النتيجة حتى الآن قد لا تكون محسومة من حيث العلاقة السببية بين ارتفاع حرارة الأرض وما يستتبعه من تغير مناخي وبين اندلاع حروب جديدة. فالموضوع مرتبط في أحيان كثيرة بعوامل اقتصادية واجتماعية مساعدة، وليس بعامل المناخ فقط.
لكن الملاحظ لدينا في اللجنة الدولية هو الدور الذي يؤديه التغير المناخي في مفاقمة أوضاع ضحايا الحروب في المناطق التي يطالها. فهذا الأمر يتحول في مناطق نزاع كثيرة إلى عامل تعقيد إضافي يزيد من وطأة النزاع المسلح على السكان المدنيين ويقلل من قدرتهم على الاحتمال والبقاء، ويدفعهم أحيانًا لنزوح داخلي وهجرات خارجية محفوفة بالمخاطر. ولعل المثال الأوضح على ذلك هي منطقة الساحل الأفريقي وما تشهده من عنف يرتبط جزء كبير منه بتقلص الموارد الطبيعية نتيجة تغير المناخ. فالتوترات الموغلة في القدم في تلك المنطقة بين المجتمعات الزراعية والرعوية آخذة في الازدياد، بسبب تقلص الأراضي القابلة للاستغلال وعدم استدامة موارد المياه الناتج عن تغير المناخ فيه.
لذا فقد خصصت مجلة «الإنساني» ملف هذا العدد لمناقشة هذه القضية ومحاولة عرض بعض من أوجهها المرتبطة بنزاعات نشهدها في منطقتنا العربية أو حتى تأثيرها على بعض دول المنطقة التي لا تعاني من حروب، وإنما يُحتمل أن يرفع التغير المناخي مستوى التوتر الاجتماعي فيها. في هذا الملف، نقرأ عدة مساهمات تحاول تسليط الضوء على القضية من مختلف جوانبها، كمقال الكاتب والأديب المصري المعروف محمد المخزنجي حول الموضوع نفسه.
كما يتناول العدد قضايا إنسانية أخرى مهمة؛ منها شهادات لزملاء لنا على الأوضاع الإنسانية في ظل نزاعات المنطقة، لا سيما في اليمن الذي يعاني لسنوات من أزمة إنسانية طاحنة، وفي شمالي سورية حيث يضم مخيم الهول أطفالًا ونساءً يعانون من وصمة انتمائهم لمقاتلين أجانب. وفي العدد أيضًا، مقال مهم للمستشار القانوني لشؤون الشريعة الإسلامية باللجنة الدولية يناقش أحكام الشريعة الإسلامية في التعامل مع الموتى وضمان احترام كرامتهم، في أوقات النزاعات المسلحة، حتى لو كانوا من غير المسلمين.
للاطلاع على محتويات العدد انقر هنا
للحصول على نسخة من العدد انقر هنا
Comments