تطويع التقنية لمساعدة المهاجرين: عندما يتحول الهاتف الذكي إلى طوق نجاة

العدد 60

تطويع التقنية لمساعدة المهاجرين: عندما يتحول الهاتف الذكي إلى طوق نجاة

شكلت الصور التي انتشرت للمهاجرين إلى أوروبا وهم يحملون هواتف ذكية، مادة للنقاش والتندر داخل أوروبا نفسها عن مدى ضرورة هذه التقنية والدافع الذي يجعل المهاجرين يتشبثون بها وكأنها أثمن مقتنياتهم وهم يعبرون مخاطر البحر.

«مع من أتواصل للحصول على المساعدة؟»، «ما هي حقوقي كلاجئ؟»، «كيف وأين يمكنني تقديم طلب لجوء؟»، «أين أجد مكانًا آمنًا لي ولأطفالي؟». هذه عينة من الأسئلة التي يطرحها اللاجئون في ظل موجة التدفق الكبيرة للمهاجرين إلى بلدان أوروبا.

شكلت هذه الموجة – التي توصف بأنها الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية – أزمة حقيقية لم تكن القارة العجوز مستعدة لها. فقد فرضت تحديات جديدة استدعت تفكير البعض في حلول تتواكب مع عصر المعلومات، سواء كانت هذه الحلول قديمة تم تحديثها، كاستخدام الإنترنت لجمع التبرعات لمساعدة المهاجرين، أو حلول حديثة كليًّا كتطوير تطبيق هاتف ذكي يرسل للاجئين مواقع المخيمات، وكيفية الحصول على الطعام والاحتياجات الأساسية. وبذلك لم يعد الهاتف الذكي وسيلة رفاهية بالنسبة لهؤلاء اللاجئين، فبواسطته تمكنوا من التواصل مع أحبائهم، والتعرف على وجهتهم المقبلة وكذلك متابعة الأخبار وآخر المستجدات بشأن بلدانهم.

يجاهد مطورو البرامج ورواد الأعمال في البحث عن أفضل السبل لتوظيف الهواتف الذكية في خدمة المهاجرين. فعلى صعيد شركات التقنية الكبرى، دشنت «غوغل» موقعًا إلكترونيًّا يحمل عنوان «معلومات اللاجئين» (refugeeinfo.eu) بست لغات منها العربية، وذلك بالتعاون مع منظمة «ميرسي كوربس» (Mercy Corps) و«لجنة الإنقاذ الدولية» (International Rescue Committee).

طالبو لجوء سوريون في قطار متجه إلى النمسا، تشرين الأول/ نوفمبر 2015. تصوير: DWORZAK, Thomas

يحتوي الموقع على معلومات عن كيفية تقديم طلبات اللجوء، ومواقع مراكز الإيواء، وكيفية التنقل، والحصول على مختلف الخدمات، بالإضافة لأرقام الطوارئ ومعلومات عن العملة النقدية المستخدمة في بلد الوجهة. أما موقعا التواصل الاجتماعي «تويتر» و«فيسبوك» فقد ساهما في حملة «ساعد اللاجئين» (Aid Refugees)، التي تمكنت من جمع مليون دولار في يوم واحد لتوفير حلول سريعة لهذه الأزمة الإنسانية العالمية.

كما عقدت شركات ناشئة ومطورو برامج مؤتمرات، في بلدان عدة كالمملكة المتحدة وأستراليا وإيطاليا وألمانيا والنمسا، مثل مؤتمر “Refugee Hack Vienna” و”TechFugees” و”Refugee-Hackathon”، لتوظيف التقنيات الحديثة في التخفيف من وطأة الظروف الإنسانية القاسية التي تصاحب عمليات اللجوء هذه.

ومن الأمثلة على هذه التطبيقات: تطبيق «إنفو أيد» (Info Aid)، الذي طوره فريق عمل مجري. يعمل هذا التطبيق بست لغات ويوفر معلومات مهمة للمهاجرين في أوروبا كمواعيد وأماكن وسائل النقل، ومستجدات إغلاق الحدود، والحاجات الأساسية التي تعين اللاجئ في رحلته الشاقة.

تطبيقات في الدول المستقبلة

نموذج آخر لهذه التطبيقات هو «تطبيق مرحبًا ألمانيا» (Welcome-App Germany)، الذي طورته شركتان ألمانيتان بهدف تقديم معلومات بلغات عدة للمهاجرين الجدد في البلاد. يجيب التطبيق عن تساؤلات المهاجرين الأساسية بشأن الثقافة والقوانين الألمانية. تطبيق آخر طُوِّر خصيصًا للمهاجرين هو «ريفيوجييز كونكت» (Refugees Connect)، الذي يتيح للمستخدم التواصل مع عمال الإغاثة بشكل مباشر عن طريق طرح أسئلة وتلقي إجابات عليها. ويمكِّن التطبيق أيضًا المهاجرين من التواصل مع بعضهم البعض.

في هولندا، أعلنت جمعية الصليب الأحمر الهولندي عن عزمها تطوير تطبيق «ريفيوجي بادي» (Refugee Buddy) ويهدف إلى تزويد المهاجرين بالمعلومات عن أماكن إقامتهم الجديدة في هولندا؛ مثل موقع أقرب صيدلية، أو مسجد أو كنيسة. وقد أقدمت الجمعية على هذه الخطوة نظرًا لأن نحو 90% من اللاجئين في هولندا لديهم هواتف ذكية. ومن المقرر أن يقوم فريق عمل الجمعية بترجمة تطبيق الإسعافات الأولية وإدماجه في التطبيق الجديد.

ويبدو نقص المعلومات تحديًا هامشيًّا أمام تحدي الموت الذي يواجه الآلاف من المهاجرين إلى أوروبا عبر البحر. وفي هذا الصدد، بدأ متطوعون من النمسا بتصميم «منصات إنقاذ» (Rescue Platforms) في المياه الدولية في البحر المتوسط. تحتوي كل منصة على أضواء ملاحة، وجهاز مكالمات طوارئ، وكاميرا، ومِرْساتين، وطوقي نجاة، علاوة على احتياطات غذائية وجهاز تحديد مواقع بتقنية الـ GPS، لتكون المنصة بذلك طوق نجاة مبتكرًا، يتشبث به المهاجرون في رحلتهم الشاقة.

لم يقتصر تطوير التطبيقات على الشركات الكبرى والمطورين الأوروبيين فحسب، فقد استحدث مجموعة من الشباب السوري الموجود في تركيا تطبيقًا وموقعًا إلكترونيًّا بعنوان «غربتنا». يهدف التطبيق إلى توفير منصة معلومات للمغتربين السوريين في كل أنحاء العالم، وربط المغتربين في البلد الواحد مع بعضهم البعض، وتوفير فرص عمل، وتوعية المغتربين وتدريبهم.

نشر هذا الموضوع في العدد 60 من مجلة «الإنساني». يمكنكم الاطلاع على محتويات العدد ومحوره «الهجرة» من خلال هذا المسار.

اطلع غيرك على هذا المقال

تعليقات

لا توجد تعليقات الآن.

اكتب تعليقا