شرَّد النزاع المستعر منذ أكثر من شهرين في السودان أكثر من 2,5 مليون شخص، بين نازح ولاجئ، ولا سيّما في إقليم دارفور غربي البلاد، حيث أظهرت صورًا من مدينة الجنينة معاناة إنسانية هائلة جراء مقتل العشرات، وفرار أعداد ضخمة من سكان المدينة سيرًا على الأقدام لمسافات طويلة.
وقال رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي إن عدد الأشخاص الذين فروا من القتال إلى خارج السودان تجاوز 500 ألف بينما نزح مليونا شخص داخليا.
وأوضح في مؤتمر صحافي في نيروبي الثلاثاء في يوم اللاجئ العالمي «تجاوزنا عتبة نصف مليون لاجئ من السودان بعد بدء الصراع. نزح مليونا شخص داخل البلاد».
واندلع النزاع في 15 نيسان/أبريل الماضي في مناطق حضرية مكتظة بالسكان محدثًا خسائر فادحة بالبنية التحتية المدنية، وبالأخص في مناطق داخل العاصمة الخرطوم وحولها، وفي إقليم دارفور.
وصنفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الوضع في السودان بأنه نزاع مسلح غير دولي، تسري عليه أحكام المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف وقواعد القانون الدولي الإنساني العرفي المنطبقة في النزاعات المسلحة غير الدولية.
ويوم الإثنين، أعلنت اللجنة الدولية عن خرق الهدنة بين أطراف النزاع عندما منع إطلاق نيران «نقل جنود مصابين».
وقالت اللجنة الدولية في بيان «اليوم (الإثنين)، كان فريقنا في السودان ينقل جنودا جرحى إلى المستشفى بناءً على طلب من طرفي النزاع. وعلى الرغم من الضمانات الأمنية التي حصلنا عليها من كلا الطرفين قبل النقل، لم يحترم وقف إطلاق النار. كان لا بد من وقف العملية بعد أن أطلقت أعيرة نارية على مقربة من قافلتنا قُبيل عبورنا خط المواجهة».
#السودان – مدير اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إفريقيا باتريك يوسف: نحن متواجدون في السودان منذ عقود ونتعاون مع جميع مراكز الهلال الأحمر السوداني #الحدث pic.twitter.com/nPeGtnn6pA
— ا لـحـدث (@AlHadath) June 15, 2023
وفي سياق متصل، حذرت اللجنة الدولية من أن وصول موسم الأمطار يثير مخاوف من انتشار الأوبئة، مشيرة إلى القمامة التي تتراكم والجثث التي لا تزال ملقاة في الشوارع في مناطق يصعب الوصول إليها.
وتخشى اللجنة الدولية من النفايات التي تتراكم والجثث التي تتعفّن تحت أشعة الشمس الحارقة.
كما لفتت إلى أنه بدافع اليأس يضطر العديد من السكان إلى شرب مياه غير آمنة من نهر النيل أو من مصادر أخرى مما يشكل خطرًا صحيًا داهمًا.
ورغم الجهود المضنية التي يبذلها الأطباء وأفراد التمريض السودانيون، أغلقت مرافق طبية كثيرة أبوابها. فالمرافق الطبية التي لا تزال في الخدمة في الخرطوم لا تتجاوز 20 بالمئة من مجموع تلك المرافق، بحسب تقديرات اللجنة الدولية.
وأضافت «بلغت حالة خدمات الرعاية الصحية في مناطق عدة من إقليم دارفور مرحلة حرجة. تشكل تلك الأوضاع ضغوطًا هائلة على منظومة الرعاية الصحية، لا تقتصر على علاج الأعداد الكبيرة من المصابين، وإنما تمتد كذلك إلى تقديم الخدمات الروتينية للسكان».
وكان المجتمع الدولي تعهد في مؤتمر مانحين عقد في جنيف الإثنين بتقديم حوالي 1,5 مليار دولار للمساعدة في تخفيف الأزمة الإنسانية في السودان ودعم دول الجوار التي تستضيف لاجئين فارين من القتال.
ووفقاً للأمم المتّحدة فقد فرّ أكثر من 150 ألف شخص من إقليم دارفور إلى تشاد المجاورة وهي إحدى أقلّ دول العالم نموًا وتستضيف آلاف اللاجئين لا سيّما من الكاميرون وجمهورية إفريقيا الوسطى. كما فرّ العديد من السودانيين إلى جنوب السودان ومصر.
والمبلغ الذي تعهّد المجتمع الدولي بتقديمه لا يمثّل سوى نصف المبلغ الإجمالي الذي تقول وكالات الإغاثة إنها بحاجة إليه.
ووفقًا للأمم المتّحدة فإنّ 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكان البلاد، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة في بلد يغرق في الدمار والعنف بسرعة «غير مسبوقة»، وفق تعبير الأمم المتّحدة.
Comments