هنا بعض من قصص عاشها ورواها أطباء وممرضين وقابلات وفنيين في زمن الكورونا

دخلنا سنة جديدة بذيول سنة مضت قلبت العالم وغيرت الكثير من معالم حياتنا اليومية. فانتشار فيروس كوفيد-19 والتكلفة الكبيرة التي خلفها على حياة الملايين من البشر جعلت تلك السنة أشبه بكابوس مازلنا نحاول الاستيقاظ منه. ليس كذلك فحسب، فهذه الجائحة وضعتنا في أحيان كثيرة أمام تساؤلات كبيرة عن أولويات حياتنا وهشاشتها بعد أن اعتقدنا أن التطور الطبي والتكنولوجي الذي وصلنا إليه اليوم قادر على حماية البشرية من أي خطر قادم.

وتتضاعف صعوبة الوضع الجديد في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة، كانت قد دمرت أسس أنظمتها الصحية أو وضعت على كاهلها حملا كبيرا من الاحتياجات الملحة والتي تضاعفت مع انتشار الوباء.

لكن في خضم كل تلك المآسي والظروف الصعبة ظُهّرت مشاعر حب وتضحية تجاه عائلاتنا وأحبائنا من خلال السعي لحمايتهم من هذا الوباء بشتى الطرق. وهناك فئة منا عبرت عن الحب والتضحية بشكل آخر. هؤلاء هم العاملون الصحيون ممن قادهم احساسهم بالمسؤولية واستعدادهم للقيام بواجباتها إلى حد المخاطرة بحياتها من أجل مساعدة من يحتاج للمساعدة. بعض هؤلاء فقدوا زملاء وأحباء لهم في خضم المعركة.

باستخدام أسلوب فن الشارع الجرافيتي، صممت اللجنة الدولية تقويمها السنوي للعام 2021 كتحية للعاملين في المجال الصحي، وهنا عرض لبعض من قصص عاشها ورواها أطباء وممرضين وقابلات وفنيين في زمن الكورونا، منهم زملاء في الأقسام الصحية في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، استمروا في أداء أدوارهم الحاسمة في مناطق مزقتها الحروب بالرغم من الوباء.

 

“سورية ليست كأي بلد آخر. أبسط أساليب الوقاية كالكمامة والصابون والمطهرات سلع صعبة المنال. نظامها الصحي مدمر وينزف كوادره الطبية. سرعة انتشار الفيروس أكبر من قدرة القطاع الصحي أو أي منظمة على تلبية الاحتياجات. لذا وبالرغم من قلقي من نقل العدوى إلى والدتي إلا أنني أخرج كل يوم للعمل علني أحدث فرقا. وأملي أن نتمكن من تحويل مدينة رياضية إلى مركز علاجي لمرضى الكورونا ممن لا يحتاجون دخول المستشفى.”

د. أيوب أيوب- مسؤول شؤون الصحة- دمشق

 

“زادت جائحة كورونا من قلقي وفرضت علي تغيير نمط حياتي اليومي وأبعدتني عن أحبائي. لم أعد أرى خطيبي ولا إخوتي أو أولادهم. توقفت عن ممارسة الرياضة وبت أطلب كل شيء الكترونيا حتى بقالة المنزل! أما تعقيم ملابسي فأصبح الروتين الجديد لحياتي. فطبيعة عملي في مستشفىً يعالج مرضى كورونا تقتضي مني أقصى تنبه في تطبيق إجراءات الوقاية كي أحافظ على صحة الحوامل اللواتي أتابع حالاتهن، مع الحفاظ على صحتي وصحة عائلتي.”

باسكال صوما- قابلة قانونية- بيروت

“الخوف والقلق والتوتر مشاعر كانت تنتابني مع زيادة احتمالية الإصابة بفيروس كورونا. فبقدر سعادتي بعملي مع المستجيبين الأوائل للحفاظ على صحتهم النفسية في هذه الأوقات الصعبة، كنت أعي مخاطر إجراء ورش عمل وجهًا لوجه معهم. قلقي كحال الكثيرين، نابع من خوفي على عائلتي وأحبائي. شغلتني معضلة أن تتحول مساعدة الغير تهديدا لحياتي. لكن اتباعي الإجراءات الوقائية طمأنني بعض الشيء. أنا اليوم فخورة بما قدمت”.

دينا علي – موظفة الصحة النفسية – القاهرة

 

كنت واحدا من فريق طبي صغير ووحيد يعمل في مستشفى مخيم الهول المكتظ بسكانه، والذين ظهرت بينهم حالات مرضية. بعضنا امتد عمله لسبعة أشهر متواصلة. فقد تقطعت السبل بالكثير من زملائنا وحال توقف رحلات الطيران دون وصول بدلاء عنا. اضطررت للقيام بأدوار متعددة لتغطية مسؤوليات الغائبين. جميعنا كنا نحتاج للراحة. كنا منهكين ومرهقين لأقصى حد. لكنني ممتن اليوم للخدمات الجوية الإنسانية التي أنقذتنا ومكنت العاملين الانسانيين من السفر من وإلى الميدان خلال تلك الفترة الصعبة.

كارل ايريك أوبوت- رئيس التمريض – مخيم الهول

 

“حتى الآن حجرت نفسي مرتين فترة أسبوعين بسبب الاشتباه بإصابتي بالفيروس. في المرتين كان عليّ أن ألزم غرفة في منزلنا الذي يضم إلى والدّي العجوزين، زوجة وطفلين. أعتبر نفسي محظوظا فبعض زملائي من فريق العمل في القسم الصحي أصيبوا بالمرض ثلاث أو أربع مرات. وفقدت اثنين من زملائي المقربين. لكن التحدي الشخصي المؤلم بقي أن أشرح لإبني ذو الخمس سنوات لماذا أبعده عني وأرفض اللعب معه.”

د. محمد جمعة جاسم- مساعد منسق البرنامج الصحي- بغداد

“كانت الدورات الرياضية للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية أحد أهم الأنشطة التي نقوم بها. لكن إجراءات العزل الاجتماعي نتيجة الوباء جمدت كل شيء. وجدنا أنفسنا واللاعبين في وضع نفسي صعب. فالرياضة تشكل بالنسبة إليهم متنفسًا ودعمًا لتحمل واقعهم ومساعدتهم على الدمج الاجتماعي. لكننا لم نستسلم ونظمنا محاضرات تدريبية عبر الانترنت للطواقم الفنية واللاعبين، على أمل أن نطلق الدوري الرياضي قريبا”.

أحمد حيدر موسى- مدير برنامج التأهيل الجسدي-غزة

“بدأت السنة صعبة ثم تحسن الوضع الأمني تدريجيا فتفاءل الناس خيرا أن الحياة شبه الطبيعية قد تعود قريبا. لكن الوباء فاجأنا. وكأنه لم يكفِ ما خسرناه فجاء ما يمكن أن يسلبنا حتى النفس الأخير المتبقي لنا. ومن لم تقتله الحرب بات يخشى على حياته من الكورونا. كثيرا ما شعرت بأنني مكبلة وعاجزة عن تقديم كل الدعم المتوقع مني. لكنني بذلت أقصى جهدي ولم أزل.”

رنيم الدوقي- موظفة في قسم الصحة- حلب

مع بداية الجائحة، كنت جزءًا من مبادرة محلية للأطباء تحت شعار “أنا طبيب، أستطيع”. طرقت أبوابا كثيرة وانتقلت من منزل إلى آخر. تواصلت مع الناس مباشرة وأجبت عن أسئلتهم وجها لوجه ومن خلال مجموعات التواصل الاجتماعي. وفي بعض الأحيان قدمت لهم الرعاية الطبية في منازلهم. اليوم، أنا عضو في مجموعة من 120 موظفًا في مركز علاج الكورونا الذي افتتحته اللجنة الدولية، نعمل على علاج حالات كورونا الخفيفة والمتوسطة على أمل أن نتمكن من المساعدة في التخفيف من وطأة المعاناة التي يمر بها اليمنيون.

د. سينا سالم عبدالله- رئيسة الأطباء المقيمين- عدن