كل يوم يذهب الكثيرون في عداد المفقودين في خضم النزاعات والعنف، أو في ثنايا دروب الاغتراب أو النزوح أو الهجرة. وفي المقابل، يعيش أولئك الذين ثُكلوا بفقد أحباء لهم في الماضي بجراح تأبى أن تندمل. فتظل معاناة هؤلاء شاخصةً حتى بعد أن تخمد نار الحرب أو تتعافى البلاد من آثار الكارثة، وحتى بعد أن تُشفى جراح المصابين وتُعمَّر الأرض ببنيان جديد على أنقاض ما دُمِّر. وبالنظر إلى حجم ظاهرة المفقودين عالميًّا، والأثر الممتد عبر الأجيال الذي تخلفه قضايا المفقودين التي لم تُحل على عائلاتهم وعلى المجتمعات المحلية والمجتمعات الأوسع نطاقًا، ونتيجة تزايد الطابع الدولي للكوارث الطبيعية وتلك التي يصنعها البشر- فقد خصَّصت المجلة الدولية للصليب الأحمر هذا العدد (الذي يحمل رقم 905) لقضية المفقودين، إذ يتناول الاحتياجات الخاصة للمفقودين وعائلاتهم، والآليات الرامية إلى الكشف عن مصير المفقودين، والتدابير المتَّخذة للتعرف على هوية الموتى.
والمجلة الدولية إصدار ربع سنوي تنشره اللجنة الدولية ودار نشر جامعة كمبريدج. وقد صدر العدد الأول منها في 1869.
قائمة المحتويات
مقابلة مع إستيلا بارنيز دي كارلوتو
تُلقي هذه المقابلة الضوء على التكلفة الإنسانية التي تتكبدها العائلات نتيجة الاختفاء القسري، إذ تجهل مصير أحبائها ومكانهم. تعرض لنا إستيلا رؤيتها الثاقبة، المستقاة من عصارة خبرتها الواسعة في الريادة ومساندة هذه العائلات، حول الدور الذي يمكن أن يؤديه أقارب المفقودين في تطوير آليات للبحث عن ذويهم.
إستيلا بارنيز دي كارلوتو، منظمة جَدَّات ميدان مايو
عائلات المفقودين في سريلانكا: الاعتبارات النفسية الاجتماعية في آليات العدالة الانتقالية
جميلة سماراسنغه، جامعة كولومبو ومليكة صالح، فرقة العمل التشاورية المعنية بآليات المصالحة
على مدار السنوات الثلاثين الأخيرة، تجرع عشرات الآلاف من السريلانكيين معاناة الاختفاء القسري لأفراد عائلاتهم. وفي عام 2016، التقت فرقة العمل التشاورية المعنية بآليات المصالحة العديد من أفراد هذه العائلات، وهي الفرقة المكلفة بجمع الآراء حول نظرة الناس للكيفية التي يجب أن تُصمَّم بها آليات العدالة الانتقالية، وكيف يمكن إرساء هذه الآليات وكيف تعمل. وقد أتاحت هذه العملية الفرصة أمام العائلات لتدلي بخبراتها وتجاربها، ولذكر ما تراه مهمًّا في صياغة آليات العدالة الانتقالية. يستعرض هذا المقال الطبيعة المعقَّدة لمحنة هذه العائلات واحتياجاتها النفسية الاجتماعية، التي أفضت بها في ثنايا المشاورات. ويرى المقال أن تصميم آليات العدالة الانتقالية يجب أن يعمل في اتجاه حماية الرفاه النفسي الاجتماعي لتلك العائلات، وتلبية احتياجاتها النفسية الاجتماعية المعقدة، وتقديم الدعم والحماية لهم قبل مشاركتهم في الآليات وفي أثناء تلك المشاركة وبعدها.
عائلات المفقودين: الآثار النفسية الاجتماعية والنُّهُج العلاجية
غالبًا ما تفتقر عائلات المفقودين إلى إجابات شافية بشأن ما إذا كان ذووها المفقودون أحياءً أم أمواتًا، وإذا كانوا أمواتًا، لا تعرف أين رفاتهم. وهذا النوع من الفقد هو ما يسمى «الفقدان المَشوب بالغموض»، وأولئك الذين يعانونه عادة ما يقاومون التغيير ويستمرون في التعلق بحبائل أمل أن مفقودهم سيعود يومًا. يحاول هذا المقال شرح أن هدفنا، بوصفنا متخصصين نعمل مع عائلات المفقودين، هو مساعدتها في تبني طريقة تفكير جديدة تتيح لها أن تنعم بحياة طبيعية جيِّدة على الرغم من مرارة الفقد. ولتحقيق هذا الهدف، علينا أن نعترف أن مصدر المعاناة – وهو حالة الغموض – يكمن خارج نطاق العائلة. ويقدم هذا المقال نموذجًا نفسيًّا اجتماعيًّا يتضمن ستة مبادئ توجيهية تركز على جوانب المعنى، والسيطرة، والهوية، والتناقض الوجداني، والتعلُّق، وإيجاد أمل جديد.
أسئلة وأجوبة: عمل اللجنة الدولية في ملف المفقودين وعائلاتهم
للَّجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) باع طويل من العمل مع المفقودين وذويهم. فقد عملت وتعمل على الحيلولة دون ذهاب الأشخاص في عداد المفقودين، كما تيسِّر الاتصال بين أفراد العائلات ولمَّ شملها من جديد، مستندة في ذلك إلى التفويض الرسمي الممنوح لها المُتأصِّل في اتفاقيات جنيف لعام 1949، وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1977، والنظام الأساسي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر. وتعمل اللجنة الدولية كذلك على استجلاء مصائر المفقودين وأماكنهم منذ عام 1870، إبَّان الحرب الفرنسية-البروسية، حينها كانت رائدة فكرة تجميع قوائم بأسرى الحرب وطرحت فكرة «ارتداء شارة حتى يمكن التعرف على هويات الموتى». تستكشف هذه الأسئلة وأجوبتها عمل اللجنة الدولية الحالي في مجال المفقودين، وتبحث – على وجه التحديد – في الطرق التي يهدف بها مشروع اللجنة الدولية للبحث عن المفقودين إلى وضع المفقودين وعائلاتهم في قلب برنامج العمل الإنساني.
وضع آليات للكشف عن مصائر المفقودين وأماكنهم: نهج إنساني مُقترح
مونيك كريتول، مستشارة ولينا ميلنر، اللجنة الدولية وآن-ماري لاروزا، مستشارة دولية في الحوكمة العالمية وجيل ستوكويل، اللجنة الدولية
ينظر هذا المقال في أنواع الآليات المختلفة التي يمكن أن تسهم في التعامل مع قضية المفقودين، بما في ذلك تقديم إجابات شافية بشأن مصائر المفقودين وأماكنهم. ويتناول بالتفصيل نهجًا لاحظه المؤلفون في الميدان. ويرى المقال أن نهجًا يستند إلى أهداف إنسانية بحتة لا يُعنى بالبحث عن المسؤول عن الاختفاء ترافقه إدارة ملائمة للمعلومات السرية – يمكن أن يكون أداة قوية للبحث عن المفقودين وجمع معلومات ذات صلة عنهم في سياقات معيَّنة. ويقترح المقال أيضًا سبلًا لإجراء مزيد من الأبحاث، بُغية تعزيز القدرة العالمية على تقديم إجابات مفيدة للمفقودين وعائلاتهم.
الاستعانة بعلم الطب الشرعي في العناية بالموتى والبحث عن المفقودين: محادثة مع د. موريس تيدبول-بنز
د. موريس تيدبول-بنز طبيب شرعي التحق للعمل باللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) عام 2004، وعمل منذ انضمامه إلى المنظمة في سياقات عدة، وساعد في تطوير قدرتها الوليدة آنذاك في مجال الطب الشرعي. وقد استهل مسيرته المهنية بالعمل لدى منظمات متخصصة في الطب الشرعي وحقوق الإنسان حيث كان رائد فكرة تطبيق علم الطب الشرعي في التحقيقات المتعلقة بحقوق الإنسان، ولا سيما البحث عن المُختفين، في أمريكا الجنوبية حيث موطنه. وساعد في إنشاء وحدة الطب الشرعي باللجنة الدولية، وكان أول مدير لها حتى مطلع عام 2017، ثم ترأس العملية المعنية بأنشطة الطب الشرعي لـ «خطة المشروع الإنساني». ويشغل حاليًّا منصب مدير الطب الشرعي لمشروع اللجنة الدولية الجديد للبحث عن المفقودين. وفي هذا الحديث الذي أدلى به للمجلة يعرض د. بنز رؤاه بشأن صياغة تحرك في مجال الطب الشرعي لأغراض العمل الإنساني، ودور هذا التحرك في حماية جثث الموتى واستجلاء مصير المفقودين.
إدارة الجثث من منظوري الشريعة الإسلامية والقانون الدولي الإنساني: اعتبارات للطب الشرعي لأغراض العمل الإنساني
يناقش هذا المقال عددًا من القضايا والتحديات المعاصرة ذات الصلة بإدارة الجثث في النزاعات المسلحة المعاصرة وحالات العنف الأخرى والكوارث الطبيعية في ضوء الشريعة الإسلامية والقانون الدولي الإنساني. ولعل من بين المشاكل والتحديات التي يواجهها اختصاصيو الطب الشرعي في البلدان المسلمة في الوقت الحاضر الدفن الجماعي، والتعجل في دفن الجثامين، واستخراج الرفات البشرية، والتشريح، ودفن الموتى في عرض البحر، وتولي الجنس المقابل التعامل مع الجثامين. ويخلص المقال إلى أن كلا النظامين القانونيين وضع قواعد تهدف إلى صون كرامة جثامين الموتى وتوقيرها، وأن كلًّا منهما يكمل الآخر في سبيل تحقيق هذه الحماية في السياقات ذات الطابع المسلم. وتتناول الأهداف الرئيسية لهذا المقال محورين؛ أولهما: تقديم لمحة عن موقف الشريعة الإسلامية من هذه المسائل والتحديات من أجل: تقديم بعض النصائح أو الرؤى بشأن كيف يمكن لاختصاصي الطب الشرعي التعامل معها، وهو المحور الثاني.
اعتماد البروتوكولين الإضافيين المؤرَّخَين في 8 حزيران/ يونيو 1977: علامة فارقة في تطوير القانون الدولي الإنساني.
فرانسوا بونيون، مستشار حر في القانون الدولي الإنساني والعمل الإنساني
في الثامن من حزيران/ يونيو عام 1977، اعتمد المؤتمر الدبلوماسي المعني بإعادة توكيد القانون الإنساني الدولي الساري على المنازعات المسلحة وتطويره بروتوكولين إضافيين لاتفاقيات جنيف لعام 1949. وكان ذلك ثمرة قرابة عشر سنوات من المفاوضات المكثفة والحساسة. يحمي البروتوكول الإضافي الأول ضحايا النزاعات المسلحة الدولية، في حين يحمي البروتوكول الإضافي الثاني ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية. وهذان البروتوكولان – اللذان لا يحلَّان محل اتفاقيات جنيف لعام 1949 وإنما يكمِّلانها – حدَّثا القانون الذي يحمي ضحايا الحرب والقانون المعني بسير العمليات العدائية. ويحتفي هذا المقال بحلول الذكرى الأربعين لاعتماد البروتوكولين الإضافيين لعام 1977.
Comments