صوت المعارك صباحًا، وطرب الغناء ليلًا…هنا حلب أو مدرسة تعلم ثقافة الحياة

توثيق ما تبقى من حلب، 2016. أ ف ب
توثيق ما تبقى من حلب، 2016. أ ف ب
حضارة حلب في مهب الريح
تقع مدينة حلب شمال غربي سورية على بعد 310 كم من العاصمة دمشق، وتعد إحدى أقدم المدن المأهولة بالسكان في العالم، فهي مأهولة منذ ما لا يقل عن أربعة آلاف عامٍ. ونظرًا للأهمية التاريخية والعمرانية التي تتمتع بها المدينة، اعتبرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، مدينة تاريخية لاحتوائها على تراثٍ إنساني عظيم يجب حمايته. فحلب موطن أكثر من 150 أثرًا مهمًّا، تمثل مختلف الحضارات الإنسانية والعصور. لكن دخلت حلب على خط المواجهات العسكرية وتحديدًا في نهاية شهر تموز/ يوليو من العام 2012. واشتدت حدة المعارك المسلحة في قلب المدينة القديمة، ووصلت إلى أسوار المدينة القديمة. وفي أيلول/ سبتمبر 2012، أدت الاشتباكات إلى اندلاع حريق كبير دمر سوق المدينة القديم بالكامل وفي نيسان/ أبريل 2013، هُدمت مئذنة الجامع الكبير الذي يعود تاريخه إلى القرن الحادي عشر الميلادي.
حلب أشد النزاعات الحضرية تدميرًا في العصر الحديث
في آب/ أغسطس الماضي، وصف بيتر ماورير، رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، النزاع في حلب بأنه «بلا أدنى شك، أشد النزاعات الحضرية تدميرًا في العصر الحديث». لقد احتدم القتال في النصف الثاني من العام 2016، مخلفًا مئات القتلى وعددًا لا يحصى من الجرحى، فضلًا عن تعطل جميع الخدمات العامة تقريبًا، وكذلك الحصار المضروب على عشرات الآلاف من السكان. وأدى القصف النيراني المستمر إلى تدمير منازل ومدارس ومستشفيات، وأجبر عشرات الآلاف من السكان على الفرار من ديارهم، واضطرت كثرة غيرهم إلى مغادرة الملاجئ المؤقتة التي كانوا يعيشون فيها. ولحقت أضرار هائلة بالبنية التحتية للمدينة. ومع قطع الإمداد بالمياه والكهرباء أو خفضه بشدة، يصبح السكان مهددين بالخطر من استخدام مياه غير معالجة وغير آمنة. يعيش السكان في حالة فزع. ويعاني الأطفال من الصدمة. وحجم المعاناة رهيب. لقد ظل سكان حلب يعانون الأمرين لمدة أربع سنوات بسبب هذه الحرب الضروس، ولا يزداد الأمر إلا سوءًا.
نُشر هذا الموضوع في العدد رقم 62 (خريف/ شتاء 2017) من مجلة «الإنساني».
تعليقات